إذا أطلقت يفهم منها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجتنا في ذلك قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة فهذا تنصيص على أن المعسر منظر ولو أجلته في ذلك لم يكن لها ان تطالب بالفرقة فكذلك إذا استحق النظرة شرعا الا ان المستحق بالنص التأخير فلا يلحق به ما يكون ابطالا لان ذلك فوق المنصوص وفي حق المملوك يكون ابطالا لأنه لا يثبت للمملوك على مولاه دين فاما في حق الزوجية يكون تأخيرا لا ابطالا وبهذا يتبين أنه غير عاجز عن معروف يليق بحاله وهو الالتزام في الذمة فان المعروف في النفقة على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وهو الالتزام في الذمة مع أن التسريح طلاق وعند الشافعي المستحق هنا هو الفسخ بسبب العيب حتى إذا فرق بينهما لم يكن طلاقا وبه نجيب عن حديث عمر وعلي رضي الله عنهما مع أنهم ما كانوا عاجزين عن المهر والنفقة فان نفقة عيال من هو من الجند من مال بيت المال والامام هو الذي يوصل ذلك إليهم ولكنهما خافا عليهن الفتنة لطول غيبة أزواجهن فأمراهم ان يبعثوا إليهن ما تطيب به قلوبهن والمعني فيه أن النفقة مال فالعجز عنه لا يكون موجبا للفرقة كالمهر والنفقات المجتمعة بل أولى لان ذلك دين مستقر ونفقة الوقت لم تستقر دينا بعد وهذا لان المقصود بالنكاح غير المال فكان المال زائدا والعجز عن التبع لا يكون سببا لرفع الأصل وكما أن بالفرقة لا تتوصل إلى مهرها الذي على الزوج الأول وإنما تتوصل إلى مثله من جهة أخرى فكذلك النفقة وبه فارق الجب والعنة فان هناك تحقق فوات ما هو المقصود مع أن عندنا هناك لا يفسخ العقد ولكن يفرق بينهما بطريق التسريح بالاحسان حتى يكون ذلك طلاقا لإزالة ظلم التعليق عنها وهذا ليس في معنى ذلك من وجوه أحدها ان هناك قد انسد عليها باب تحصيل ذلك المقصود بدون التفريق بينهما وهنا لم ينسد عليها وصول النفقة بدون التفريق بأن تستدين فتنفق والثاني ان هناك الزوج يمسكها من غير حاجة به إليها فيما هو المقصود فكان ظالما وهنا يمسكها مع حاجته إليها فيما هو المقصود فلا يكون ظالما ولان هناك في ترك التفريق ابطال حقها لان وظيفة الجماع لا تصير دينا على الزوج بمضي المدة ولو فرقنا كان فيه ابطال ملك الزوج فاستوى الجانبان في ضرر الابطال وفى جانبها رجحان لصدق حاجتها وهنا في ترك التفريق تأخير حقها لان النفقة تصير دينا على الزوج وفى التفريق ابطال الملك على الزوج وضرر التأخير دون ضرر الابطال وبه يفرق بينه وبين العبد فالضرر هناك ضرر الابطال لان النفقة هناك لا تصير دينا للمملوك على المالك ثم فيه
(١٩١)