المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٠٥
في اختلاف زفر ويعقوب إذا زوج أمته فوجدته عنينا ان الخصومة في ذلك إلى المولى في قول أبى يوسف رحمه الله تعالى وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى لان المهر واجب له فهو محتاج إلى أن يؤكد حقه ولان النسل يكون ملكا له وبكونه عنينا يفوت ذلك وعلى قول زفر رحمه الله تعالى الخيار لها لان المقصود بالوطئ قضاء الشهوة وذلك يحصل لها دون المولى فكان حق المرافعة إليها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب * (باب نكاح الشغار) * (قال) رضي الله عنه بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهي عن نكاح الشغار وأصل الحديث قوله صلى الله عليه وسلم لا جلب ولا جنب ولا شغار في الاسلام والشغار أن يقول الرجل للرجل أزوجك أختي على أن تزوجني أختك على أن يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الأخرى أو قالا ذلك في ابنتيهما أو أمتيهما ثم النكح بهذه الصفة يجوز عندنا ولكل واحدة منهما مهر مثلها وعند الشافعي رضي الله عنه النكاح باطل لنهيه صلى الله عليه وسلم عن نكاح الشغار والنهى يقتضى فساد المنهى عنه ولأنه شرط الاشراك في بضع كل واحدة منهما حين جعل النصف منه صداقا والنصف منكوحة وملك النكاح لا يحتمل الاشتراك فالاشتراك به يكون مبطلا كما إذا زوجت المرأة نفسها من رجلين وحجتنا في ذلك أنه سمى بمقابلة بضع كل واحدة منهما ما لا يصلح أن يكون صداقا فكأنه تزوجها على خمر أو خنزير وهذا لأنه لما لم يكن في البضع صلاحية كونه صداقا لم يتحقق الاشراك فبقي هذا شرطا فاسدا والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة كما لو شرط أن يهبها لغيره أو نحوه بخلاف ما إذا زوجت المرأة نفسها من رجلين لأنها تصلح منكوحة لكل واحد منهما فيتحقق معنى الاشراك واستدلاله بالنهي باطل لان النهي للخلو عن المهر هكذا قال ابن عمر رضي الله عنه ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تزوج المرأة بالمرأة من غير مهر لكل واحدة منهما وهذا لان الشغار هو الخلو في اللغة يقال شغر الكلب إذا رفع احدى رجليه ليبول وبلدة شاغرة إذا كانت خالية من السلطان وإنما أراد به أن لا تخلو المرأة بالنكاح عن المهر وبه نقول وان سمى لكل واحدة من المرأتين مهرا فلكل واحدة منهما ما سمي من المهر واشتراط أحد العقدين في الآخر غير مؤثر هنا لأنه شرط فاسد والنكاح لا يبطل بمثله * (قال) * وإذا جعل
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست