في كل زمان فينظر إلى قيمة ذلك فيفرض لها عليه دراهم شهرا شهرا وقد بينا هذا الفصل والذي قال تفرض شهرا شهرا إنما بناه على عادتهم أيضا وبعض المتأخرين من مشايخنا يعتبر في ذلك حال الرجل أيضا فإن كان محترفا تفترض عليه النفقة يوما يوما لأنه يتعذر عليه أداء النفقة شهرا دفعة واحدة وإن كان من التجار يفرض الأداء شهرا شهرا وإن كان من الدهاقين تفرض عليه النفقة سنة سنة لان تيسر الأداء عليه عند ادراك الغلات في كل سنة وتيسر الأداء على التاجر عند اتخاذ أجر غلات الحوانيت وغيرها في كل شهر وتيسر الأداء على المحترف بالاكتساب في كل يوم ولا يؤخذ من الزوج كفيل بشئ من النفقة أما نفقة المستقبل فلم تجب بعد والانسان لا يجبر على اعطاء الكفيل ما لم يجب عليه وأما الماضي فلانه بمنزلة سائر الديون يؤمر بقضائها ولا يجبر على اعطاء الكفيل ولو خاصمته امرأته في نفقة ما مضى من الزمان قبل أن يفرض القاضي عليه لها النفقة لم يكن لها شئ من ذلك عندنا وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى يقضى لها بما لم تستوف من النفقة الماضية وأصل المسألة أن النفقة لا تصير دينا الا بقضاء القاضي أو التراضي عندنا وعند الشافعي تصير دينا لان وجوبها بالعقد فلا تحتاج إلى القضاء أو إلى الرضاء في صيرورتها دينا بعد العقد كالمهر ولان وجوب النفقة باعتبار قيام الزوج عليها بعد العقد وقد تقرر ذلك فيصير دينا بدون القضاء كالاجرة يصير دينا باستيفاء المنفعة بعد العقد وحجتنا في ذلك أن النفقة صلة والصلات لا تتأكد بنفس العقد ما لم ينضم إليها ما يؤكدها كالهبة والصدقة من حيث إنها لا تتم الا بالقبض وبيان الوصف ان النفقة ليست بعوض عن البضع فان المهر عوض عن البضع ولا تستوجب عوضين عن شئ واحد بعقد واحد ولان ما يكون عوضا عن البضع يجب جملة لان ملك البضع يحصل للزوج جملة ولا يجوز أن يكون عوضا عن الاستمتاع والقيام عليها لان ذلك تصرف منه في ملكه فلا يوجب عليه عوضا فعرفنا ان طريقه طريق الصلة وتأكدها اما بالقضاء أو التراضي ولأن هذه نفقة مشروعة للكفاية فلا تصير دينا بدون القضاء كنفقة الوالدين والمولودين لا تصير دينا بمجرد مضى الزمان فكذا هنا وكذلك لو استدانت عليه قبل قضاء القاضي أو التراضي لأنه ليس لها عليه ولاية الاستدانة وإنما ولايتها على نفسها فما استدانت يكون في ذمتها واتفاقها مما استدانت كانفاقها من سائر أملاكها فلا ترجع بشئ من ذلك على الزوج إلا أن يكون القاضي فرض لها عليه نفقة كل شهر أو صالحته على نفقة كل شهر ثم
(١٨٤)