المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٥
لان الرق المنصف للحل فيهم قائم (قال) ولا يجوز للعبد أن يتزوج بغير إذن مولاه عندنا وعلى قول مالك رحمه الله تعالى يجوز لان الرق لم يؤثر في مالكية النكاح فيستبد العبد به كالطلاق وأصحابنا رحمهم اله تعالى استدلوا بظاهر قوله تعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ والنكاح شئ فلا يملكه العبد بنفسه ومذهبنا مروى عن عمر رضى الله تعالى عنه قال أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر والمعنى فيه أن في النكاح تعييبه وفيه شغل ماليته بالمهر والنفقة وماليته ملك مولاه فلا يملك شغل ذلك بتصرفه بغير إذن المولى يوضحه أنه لو باع رقبته أو رهنه بمال لم يجز وإن كان منفعة ذلك ترجع إلى المولى فإذا تزوج ولا منفعة في عقده للمولى أولى أن لا يجوز وكذلك المدبر وابن أم الولد والمكاتب لا يتزوج أحد من هؤلاء بغير إذن المولى لان الرق الموجب للحجر فيهم فان اذن المولى لهم في ذلك جاز العقد فان المولى لو باشر تزويجهم جاز فكذلك إذا أذن لهم فيه إلا أن في المكاتب يحتاج إلى رضاه إذا باشره المولى فان أذن له المولى فباشره المكاتب يجوز أيضا وهذا بخلاف تزويج الأمة فان المكاتب يزوج أمته بغير رضا المولى لان أمته غير مملوكة للمولى وتزويجها من عقود الاكتساب فيملكه المكاتب فاما تزويجه لنفسه ليس من عقود الاكتساب ورقبته مملوكة للمولى وعلى هذا لو أن المكاتبة زوجت أمتها جاز ذلك ولو تزوجت بنفسها لم يجز الا بإذن المولى لقيام ملك المولى في رقبتها (قال) ولو تزوج العبد بغير إذن مولاه فأجازه جاز لان الإجازة في الانتهاء كإذنه في الابتداء فان طلقها العبد ثلاثا بعد إجازة لمولى طلقت ثلاثا ولم يجز للعبد أن يتزوج حتى تنكح زوجا غيره لان النكاح لما صح كان العبد في ايقاع الطلاق عليها كالحر ولو طلقها ثلاثا قبل إجازة المولى النكاح لم يقع النكاح ولكن يكون هذا متاركة للنكاح لان وقوع الطلاق يختص بنكاح صحيح ونكاحه بغير إذن المولى لم يكن صحيحا فلا يقع الطلاق ولكن ايقاع الطلاق يؤثر في إزالة الحل عن المحل وايقاع الفرقة إذا كان صحيحا فإذا لم يكن النكاح نكاحا صحيحا فلا يؤثر في هذين الحكمين ولكن يؤثر في رفع الشبهة حتى لو وطئها قبل الطلاق لا يلزمه الحد ولو وطئها بعد الطلاق يلزمه الحد وإن لم يجز المولى ذلك العقد ولكن أذن له أن يتزوجها ابتداء فلا بأس بأن يتزوجها لان حرمة المحل بوقوع التطليقات على المحل ولم يقع هنا فلا بأس بأن يتزوجها كالصبي والمجنون إذا طلق امرأته ثلاثا لا يثبت به حرمة المحل ولان النكاح لما لم يصح كان
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست