المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٦
هذا طلاقا قبل النكاح وقال عليه الصلاة والسلام لا طلاق قبل النكاح ولو أجاز المولى ذلك النكاح فاجازته باطلة لان الإجازة إنما تعمل في حال توقف العقد وقد ارتفع العقد بما أوقعه العبد لأنه يستبد بالطلاق لو أوقعه في نكاح صحيح ارتفع النكاح فإذا أوقعه في العقد الموقوف أولى أن يرتفع العقد به فان أذن له أن يتزوجها بعد هذا كرهت له أن يتزوجها ولو فعل لم يفرق بينهما في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وفي قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يكره ذلك وجه قوله ظاهر فان الطلاق غير واقع على المحل وحرمة المحل باعتبار وقوع الطلاق ولان إجازة المولى للعقد باطل فوجوده كعدمه ولو لم يجز العقد كان له أن يتزوجها باذنه فكذلك بعد اجازته وجه قولهما ان الطلاق تصرف ينبني على النكاح وإجازة العقود يتضمن إجازة ما ينبني عليه فاعتبار هذا المعني يوجب نفوذ الطلاق وحرمة المحل فجعلناه معتبرا في الكراهة وإن لم يكن معتبرا في حقيقة حرمة المحل ولكن هذا على أصل محمد رحمه الله تعالى غير صحيح فان عنده المشترى من الغاصب إذا أعتق ثم أجاز المولى لا ينفذ عتقه وعلى أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى إنما يصح هذا ان لو كان الطلاق يتوقف على إجازة المولى وقد بينا ان طلاق العبد لا يتوقف على إجازة المولى لكن الوجه فيه أن نقول الإجازة في الانتهاء كالاذن في الابتداء والاذن في الابتداء لو كان موجودا نثبت به حرمة المحل حقيقة فكذلك بوجود صورة الإجازة في الانتهاء تثبت الكراهة توضيحه أن العبد أهل للنكاح في حق نفسه ولهذا لو أعتق قبل إجازة المولى نفذ نكاحه فاعتبار هذا الجانب يوجب نفوذ طلاقه واعتبار جانب حق المولى يمنع نفوذ طلاقه فلتعارض الأدلة قلنا لا تثبت الحرمة حقيقة ولكن تثبت صفة الكراهة احتياطا لأنه ان ترك نكاح امرأة تحل له كان خيرا له من أن يتزوج امرأة لا تحل له (قال) وإذا تزوج العبد حرة بغير إذن مولاها ثم أعتقه المولى جاز النكاح لأنه مخاطب له قول ملزم وإنما امتنع نفوذ نكاحه لحق مولاه فإذا أسقط المولى حقه بالعتق فينفذ النكاح لزوال المانع وكذلك لو باعه فأجاز المشترى لان المشترى قام مقام البائع في ملكه رقبته فكذلك في إجازة عقده وهذا لأنه ما طرأ بالبيع حل نافذ على الحل الموقوف فان العبد لا يحل للمشتري فلهذا كانت اجازته كإجازة البائع وعند زفر رحمه الله تعالى لا ينفذ بإجازة المشترى وقد بينا هذا وكذلك لو أجاز وارثه بعد موته (قال) ولو أذن لعبده في النكاح لم يملك ان يتزوج الا امرأة واحدة عندنا وعند الشافعي رحمه الله
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست