المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٢
اكتساب المال بل فيه تعييب العبد وشغل ذمته بالمهر والنفقة من غير منفعة لهم في ذلك (قال) ولو زوج الأب أو الوصي أمة الصبي من عبده لا يجوز ذلك أيضا نص عليه في المأذون وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز لأنه لا ضرر فيه على الصبي فان المهر لا يجب بهذا العقد ونفقتهما عليه بعد النكاح كما كانا قبله وفيه منفعة للصبي من حيث النسل فيجوز ذلك من الأب والوصي كانزاء الفحل من مال الصبي على؟ أبانه؟ ووجه ظاهر الرواية أن في هذا تعييبا لهما لان النكاح عيب في العبيد والإماء جميعا ومنفعة النسل موهومة والمنفعة الموهومة لا تكون جائزة للضرر المتحقق فلهذا لا يصح هذا العقد منهما وأما العبد المأذون أو المضارب أو الشريك شركة عنان إذا زوج واحد منهما الأمة لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وفي قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يجوز لأنه عقد اكتساب المال وهؤلاء يملكون ذلك ولان المستوفي بالوطئ في الحقيقة منفعة ولهذا سمى الله تعالى المهر أجرا وهؤلاء يملكون الإجارة فكذلك يملكون التزويج وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا المأذون إنما كان منفك الحجر عنه في التجارة والتزويج ليس من جملة التجارة فان التجار لا يعتادون اكتساب المال بتزويج الإماء والدليل عليه أن المرأة لو زوجت نفسها من رجل بعبد ونوت التجارة عند العقد لا يصير العبد به للتجارة ولو كان النكاح من التجارة لصار العبد به للتجارة فان نية التجارة متى اقترنت بعمل التجارة يصير للتجارة وإذا لم يكن النكاح من التجارة فلا يملكه هؤلاء كالكتابة وبه فارق الأربعة التي تقدمت فان أولئك يملكون الكتابة فعرفنا أن تصرفهم غير مقصور على التجارة وهؤلاء الثلاثة لا يملكون الكتابة فعرفنا أن تصرفهم مقصور على التجارة ولا شك أن هؤلاء الثلاثة لا يزوجون العبد لان تزويج العبد ليس من الاكتساب ولا من التجارة (قال) وإذا تزوج الحر أمة ابنه جاز النكاح عندنا ولا يجوز عند الشافعي رحمه الله تعالى وقيل هذا بناء على الأصل الذي تقدم أن عنده لا يجوز للحر نكاح الأمة الا عند عدم طول الحرة وعلى الابن أن يعف أباه فيستغنى به عن نكاح الأمة ولكن هذا ليس بصحيح فإنه لو تزوج أمة غيره صح النكاح إذا لم يكن في ملكه ما يتزوج به الحرة والأصح أن هذه مسألة مبتدأة فوجه قوله ان للأب حق الملك في مال ولده حتى لو وطئ جارية ابنه مع علمه بحرمتها لا يلزمه الحد فلا يجوز له أن يتزوجها كالمولى إذا تزوج أمة من كسب مكاتبه بل أولى لان حق الملك في مال ولده أظهر ألا ترى أن استيلاده في جارية الابن صحيح واستيلاد
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست