وقال الشافعي رضي الله عنه لا يخمر رأسه واستدل بما روى أن اعرابيا محرما وقصت به ناقته في أخافيق جردان فاندقت عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا أو قال ملبدا ولأنه مات وهو مشغول بعبادة لها أثر فيبقى عليه ذلك الأثر كالغازي إذا استشهد (ولنا) حديث عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن محرم مات فقال خمروا رأسه ووجهه ولا تشبهوه باليهود * وسئلت عائشة رضي الله عنه ا عن ذلك فقالت اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم وان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما مات ابنه واقد وهو محرم كفنه وعممه وحنكه وقال لولا أنا محرمون لحنطناك يا واقد ولان احرامه قد انقطع بموته * وقال عليه الصلاة والسلام إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث والاحرام ليس منها فينقطع بالموت ولهذا لا يبنى المأمور بالحج على احرامه والتحق بالحلال وإذا جاز أن يخمر رأسه ووجهه باللبن والتراب فكذلك بالكفن وحديث الاعرابي تأويله أن النبي عليه الصلاة والسلام عرف بطريق الوحي خصوصيته ببقاء احرامه بعد موته وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص بعض أصحابه بأشياء (قال) ومن قتل من أهل العدل في محاربة أهل البغي فهو شهيد لا يغسل لان المحاربة معهم مأمور بها قال الله تعالى فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله فالمقتول في هذه المحاربة باذل نفسه لابتغاء مرضات الله كالمقتول في محاربة المشركين. ولما قاتل علي رضي الله تعالى عنه أهل النهروان لم يغسل من استشهد من أصحابه ولم يذكر في الكتاب أن من قتل من أهل البغي ماذا يصنع به. وروى المعلى عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى انه لا يغسل ولا يصلى عليه وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه يغسل ويصلى عليه لأنه مسلم قال الله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية ولكنه مقتول بحق فهو كالمقتول رجما أو في قصاص (ولنا) حديث على رضى الله تعالى عنه انه لم يغسل أهل النهروان ولم يصل عليهم فقيل له أكفارهم قال لا ولكنهم إخواننا بغوا علينا أشار إلى أن ترك الغسل والصلاة عليهم عقوبة لهم ليكون زجرا لغيرهم وهو نظير المصلوب يترك على خشبته عقوبة له وزجرا لغيره (قال) وإذا أغار أهل الحرب على قرية من قرى المسلمين فقتلوا الرجال والنساء والصبيان فلا خلاف أنه لا يغسل النساء كما لا يغسل الرجال لأنهن مخاطبات يخاصمن يوم القيامة من قتلهن فيبقى عليهن أثر الشهادة ليكون شاهدا
(٥٣)