ومن العلماء من قال يصلى عليهم ترجيحا للمسلمين على الكفار وينوى من يصلى عليهم المسلمين لأنه لو قدر على التمييز فعلا فعل فإذا عجز عنه ميز بالنية وعلى قول الشافعي رضي الله عنه يستعمل التحري فيصلى على من وقع في أكبر رأيه انه مسلم وهي مسألة التحري ولم يبين في الكتاب أي موضع يدفنون فقال بعض مشايخنا إذا لم يصلى عليهم دفنوا في مقابر المشركين وقال بعضهم يتخذ لهم مقبرة على حدة وأصل الاختلاف في نصرانية تحت مسلم حبلت ثم ماتت وفي بطنها ولد مسلم اختلف الصحابة أنها في أي موضع تدفن فرجح بعضهم جانب الولد وقال تدفن في مقابر المسلمين وبعضهم جانبها فان الولد في حكم جزء منها ما دام في البطن وقال تدفن في مقابر المشركين. وقال عقبة بن عامر رحمه الله تعالى تتخذ لها مقبرة على حدة (قال) ولا بأس بأن يغسل المسلم أباه الكافر إذا مات ويدفنه لما بينا أن الغسل سنة الموتى من بني آدم وهو مع كفره منهم والولد المسلم مندوب إلى بر والده وإن كان مشركا قال الله تعالى ووصينا الانسان بوالديه حسنا والمراد به الوالد المشرك بدليل قوله تعالى وان جاهداك على أن تشرك بي الآية ومن الاحسان والبر في حقه القيام بغسله ودفنه بعد موته ولما مات أبو طالب جاء علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن عمك الضال قد مات فقال اذهب فغسله وكفنه وواره ولا تحدث حدثا حتى تلقاني فلما رجعت إليه دعا لي بدعوات ما أحب أن يكون لي بها حمر النعم. وقال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى سأل رجل ابن عباس رضي الله عنه فقال إن أمي ماتت نصرانية فقال غسلها وكفنها وادفنها وأن الحارث بن أبي ربيعة ماتت أمه نصرانية فتبع جنازتها في نفر من الصحابة وإنما يغسل الكافر كما تغسل النجاسات بإفاضة الماء عليه ولا يوضأ وضوء الصلاة كما يفعل بالمسلم لأنه كأن لا يتوضأ في حياته وكذلك كل ذي رحم محرم منه وإنما يقوم بذلك إذا لم يكن هناك من يقوم به من المشركين فإذا كان خلى المسلم بينه وبينهم ليصنعوا به ما يصنعون بموتاهم ولم يبين أن الابن المسلم إذا كان هو الميت هل يمكن أبوه الكافر من القيام بغسله وتجهيزه وينبغي أن لا يمكن من ذلك بل يفعله المسلمون لان اليهودي لما آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات ثم قال لأصحابه لوا أخاكم ولم يخل بينه وبين والده اليهودي ويكره أن يدخل الكافر قبر ابنه من المسلمين لان الموضع الذي فيه الكافر ينزل فيه السخط واللعنة فينزه قبر المسلم من ذلك وإنما يدخل قبره المسلمون
(٥٥)