عليه لحديث جابر رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صلى على أحد من شهداء أحد ولأنهم بصفة الشهادة تطهروا من دنس الذنوب كما قال عليه الصلاة والسلام السيف محاء الذنوب والصلاة عليه شفاعة له ودعاء لتمحيص ذنوبه وقد استغنى عن ذلك كما استغنى عن الغسل ولان الله تعالى وصف الشهداء بأنهم أحياء فقال ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء والصلاة على الميت لا على الحي (ولنا) ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على شهداء أحد صلاته على الجنازة حتى روي أنه صلى على حمزة رضى الله تعالى عنه سبعين صلاة وتأويله أنه كان موضوعا بين يديه فيؤتى بواحد واحد فيصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فظن الراوي أنه صلى على حمزة في كل مرة فقال صلى عليه سبعين صلاة وحديث جابر رضى الله تعالى عنه ليس بقوى وقيل إنه كان يومئذ مشغولا فقد قتل أبوه وأخوه وخاله فرجع إلى المدينة ليدبر كيف يحملهم إلى المدينة فلم يك حاضرا حين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فلهذا روى ما روى ومن شاهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى أنه صلى عليهم ثم سمع جابر رضي الله عنه منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفن الموتى في مصارعهم فرجع فدفنهم فيها ولان الصلاة على الميت لاظهار كرامته ولهذا اختص به المسلمون ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المنافقين والشهيد أولى بما هو من أسباب الكرامة والعبد وان تطهر من الذنوب فلا تبلغ درجته درجة الاستغناء عن الدعاء له. ألا تري أنهم صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا اشكال أن درجته فوق درجة الشهداء والشهيد حي في أحكام الآخرة كما قال تعالى بل أحياء عند ربهم فأما في أحكام الدنيا فهو ميت يقسم ميراثه وتتزوج امرأته بعد انقضاء العدة وفريضة الصلاة عليه من أحكام الدنيا فكان فيه ميتا يصلى عليه (قال) ويكفن في ثيابه التي هي عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم زملوهم بدمائهم وكلومهم وروى أن زيد بن صوحان لما استشهد يوم الجمل قال لا تغسلوا عنى دما ولا تنزعوا عنى ثوبا فانى رجل محجاج أحاج يوم القيامة من قتلني ولما استشهد عمار بن ياسر بصفين قال لا تغسلوا عنى دما ولا تنزعوا عنى ثوبا فأني التقى ومعاوية بالجادة وهكذا نقل عن حجر بن عدي غير أنه ينزع عنه السلاح والجلد والفرو والحشو والخف والقلنسوة لأنه إنما لبس هذه الأشياء لدفع بأس العدو وقد استغنى عن ذلك ولان هذا عادة أهل الجاهلية لأنهم كانوا يدفنون
(٥٠)