يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام ولان الصلاة تمتد وربما لا يمكنه قطعها حين يأخذ الامام في الخطبة والكلام يمكن قطعه متى شاء والنهى عنه لوجوب استماع الخطبة فيقتصر على حالة الخطبة وأبو حنيفة رضي الله عنه استدل بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على أبواب المساجد يكتبون الناس الأول فالأول الحديث إلى أن قال فإذا خرج الامام طووا الصحف وجاؤا يستمعون الذكر وإنما يطوون الصحف إذا طوي الناس الكلام وأما إذا كانوا يتكلمون فهم يكتبونه عليهم قال الله تعالى ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ولان الامام إذا صعد المنبر ليخطب فكان مستعدا لها فيجعل كالشارع فيها من وجه ألا ترى ان في كراهة الصلاة جعل الاستعداد لها كالشروع فيها فكذلك في كراهة الكلام ووجوب الانصات غير مقصور على حال تشاغله بالخطبة حتى يكره الكلام في حالة الجلسة بين الخطبتين (قال) وينبغي للرجل ان يستقبل الخطيب بوجهه إذا أخذ في الخطبة وهكذا نقل عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه كان يفعله لان الخطيب يعظهم ولهذا استقبلهم بوجهه وترك استقبال القبلة فينبغي لهم أن يستقبلوه بوجوههم ليظهر فائدة الوعظ وتعظيم الذكر كما في غير هذا من مجالس الوعظ ولكن الرسم الآن أن القوم يستقبلون القبلة ولم يؤمروا بترك هذا لما يلحقهم من الحرج في تسوية الصفوف بعد فراغه لكثرة الزحام إذا استقبلوه بوجوههم في حالة الخطبة (قال) وإذا خطب بتسبيحة واحدة أو بتهليل أو بتحميد أجزأه في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يجزئه حتى يكون كلاما يسمى خطبة وقال الشافعي رضي الله عنه لا يجزئه حتى يخطب خطبتين يقرأ فيهما شيئا من القرآن ويجلس بينهما جلسة واستدل بالتوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا والتوارث كالتواتر ولكنا قد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم في الابتداء كان يخطب خطبة واحدة فلما أسن جعلها خطبتين وجلس بينهما فدل على أنه أنما فعل ذلك ليكون أروح عليه لا لأنه شرط وأبو يوسف ومحمد قالا الشرط الخطبة ومن قال الحمد لله أو قال لا إله إلا الله فهذه الكلمة لا تسمى خطبة وقائلها لا يسمى خطيبا فما لم يأت بما يسمى خطبة لا يتم شرط الجمعة وأبو حنيفة رحمه الله تعالى استدل بما روى أن عثمان رضي الله عنه لما استخلف صعد المنبر فقال الحمد الله فارتج عليه فقال إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يعدان لهذا المكان مقالا
(٣٠)