ويخطب الامام يوم الجمعة قائما لما روى أن ابن مسعود رضي الله عنه لما سئل عن هذا فقال أليس تتلو قوله تعالى وتركوك قائما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائما حين انفض عنه الناس بدخول العير المدينة وهكذا جرى التوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا والذي روى عن عثمان رضى الله تعالى عنه أنه كان يخطب قاعدا إنما فعل ذلك لمرض أو كبر في آخر عمره وفى حديث جابر بن سمرة رضى الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما خطبة واحدة فلما أسن جعلها خطبتين يجلس بينهما جلسة ففي هذا دليل انه يجوز الاكتفاء بالخطبة الواحدة بخلاف ما يقوله الشافعي رضى الله تعالى عنه وفى هذا دليل على أن الجلسة بين الخطبتين للاستراحة وليست بشرط عندنا خلافا للشافعي رضى الله تعالى عنه انها شرط (قال) امام خطب جنبا ثم أغتسل فصلى بهم أو خطب محدثا ثم توضأ فصلى بهم أجزأهم عندنا وعند أبي يوسف رضى الله تعالى عنه لا يجزئهم وهو قول الشافعي رضى الله تعالى عنه لان الخطبة بمنزلة شطر الصلاة حتى لا يجوز أداؤها الا في وقت الصلاة وفى الأثر إنما قصرت الجمعة لمكان الخطبة فكما تشترط الطهارة في الصلاة فكذلك في الخطبة (ولنا) ان الخطبة ذكر والمحدث والجنب لا يمنعان من ذكر الله ما خلا قراءة القرآن في حق الجنب وليست الخطبة نظير الصلاة ولا بمنزلة شطرها بدليل أنها تؤدى غير مستقبل بها القبلة ولا يفسدها الكلام وتأويل الأثر انها في حكم الثواب كشطر الصلاة لا في اشتراط شرائط الصلاة فيها وقد ذكرنا في باب الأذان انه يعاد أذان الجنب ولم يذكر إعادة خطبة الجنب ولا فرق بينهما في الحقيقة غير أن الأذان لا يتعلق به حكم الجواز فذكر استحباب الإعادة والخطبة يتعلق بها حكم الجواز فذكر الجواز هنا. واستحباب الإعادة هاهنا كهو في الأذان (قال) وينبغي للامام أن يقرأ سورة في خطبته لقوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له قيل الآية في الخطبة سماها قرآنا لما فيها من قراءة القرآن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغهم ما أنزل الله تعالى في خطبته وذكر السورة لأنها أدل على المعنى والاعجاز ولو اكتفى بقراءة آية طويلة جاز أيضا لان فرض القراءة في الصلاة يتأدى بهذا فسنة القراءة في الخطبة أولى (قال) وإذا أحدث الامام يوم الجمعة بعد الخطبة وأم رجلا يصلى بالناس فإن كان الرجل شهد الخطبة جاز ذلك لأنه قام مقام الأول وهو مستجمع
(٢٦)