أن يبقى معه ثلاثة رجال سواء لان الجماعة من شرائط افتتاح الجمعة. وقد بينا اختلافهم في مقدارها. وان بقي معه ثلاثة من العبيد أو المسافرين يصلى بهم الجمعة لأنهم يصلحون للإمامة فيها بخلاف ما إذا بقي ثلاثة من النساء أو الصبيان وإن كان صلى بالناس ركعة ثم ذهبوا أتم صلاته جمعة عندنا (وقال) زفر رحمه الله تعالى يستقبل الظهر إذا ذهبوا قبل أن يقعد مقدار التشهد لان الجماعة شرط الجمعة كالوقت ولكنا نقول الجماعة شرط افتتاح الجمعة وقد وجد ذلك حتى صلى بهم ركعة فكان له أن يتمها جمعة بخلاف الوقت فإنه شرط الأداء لا شرط الافتتاح وتمام الأداء بالفراغ من الصلاة. ألا ترى أن المسبوق إذا أدرك ركعة مع الامام قام بعد فراغه فأتم الجمعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من الجمعة مع الامام فقد أدرك ومثله لو خرج الوقت قبل فراغه من قضاء الركعة الثانية فسدت به جمعته فاتضح الفرق ولو ذهبوا بعد ما كبر الامام وكبروا معه قبل تقييد الركعة بالسجدة فعلى قول أبي حنيفة رضي الله عنه يستقبل الظهر وعندهما يتمها جمعة لان الافتتاح بالتكبير يحصل وقد كان شرط الجماعة موجودا عنده وقياسا بالخطبة فان الامام بعد ما كبر لو سبقه الحدث فاستخلف من لم يشهد الخطبة أتم الجمعة وكان استخلافه إياه بعد التكبير كاستخلافه بعد أداء ركعة فهذا مثله. وأبو حنيفة رحمه الله يقول الجماعة شرط صلاة الجمعة ولا يصير مصليا ما لم يقيد الركعة بالسجدة فكان ذهاب الجماعة قبل تقييدها كذهابهم قبل التكبير ثم الجماعة شرط الافتتاح وما لم يقيد الركعة بالسجدة فهو مفتتح لكل ركن بخلاف ما بعد تقييد الركعة بالسجدة فإنه معيد للأركان لا مفتتح وليس كالخطبة فان الذي يستخلفه هناك بان على صلاته وشرط الخطبة موجود في حق الأصل وههنا الامام أصل في افتتاح الأركان فلا بد من وجود شرط الجماعة عند افتتاح كل ركن (قال) رجل صلى الجمعة بالناس بغير إذن الإمام أو خليفته أو صاحب الشرط أو القاضي لم يجزئهم لما بينا أن السلطان شرط لإقامتها وقد عدم ولم يذكر أنه لو مات من يصلى الجمعة بالناس فاجتمعوا على رجل فصلى بهم الجمعة هل يجزئهم والصحيح أنه يجزئهم فقد ذكر ابن رستم عن محمد رحمهما الله تعالى أنه لو مات عامل إفريقية فاجتمع الناس على رجل فصلى بهم الجمعة أجزأهم لان عثمان رحمه الله تعالى لما حصر اجتمع الناس على علي رضي الله عنه فصلى بهم الجمعة ولان الخليفة إنما يأمر بذلك نظرا منه لهم فإذا نظروا لأنفسهم
(٣٤)