الحول وما نوى كان حديث النفس وقال صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لامتي عما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا ثم الاستعمال فعل وذلك لا يحصل بالنية ما لم يفعل ألا ترى أن من نوى في عبد الخدمة أن يكون للتجارة لا يصير للتجارة ما لم يتجر فيه بخلاف ما إذا كان للتجارة فنواه للخدمة لأنه نوى ترك التجارة وهو تارك لها فاقترنت النية بالعمل وهو نظير الكافر ينوى الاسلام لا يصير مسلما ما لم يأت بكلمة الشهادة والمسلم لو نوى أن يكفر والعياذ بالله صار كافرا بنيته ترك الاسلام (قال) رجل له عشر من الإبل السائمة فحال عليها حولان فعليه للسنة الأولى شاتان وللسنة الثانية شاة ولم يبين في الكتاب أنه هل يأثم بما صنع فكان أبو الحسن الكرخي رحمه الله تعالى يقول هو آثم بتأخير الأداء بعد الوجوب وهكذا ذكره في المنتقى. وروى عن محمد رحمه الله تعالى أنه قال من أخر أداء الزكاة من غير عذر لم تقبل شهادته وفرق محمد رحمه الله تعالى على مذهبه بين الزكاة والحج فقال في الزكاة حق الفقراء وفي تأخير الأداء اضرار بهم ولا يسعه ذلك بخلاف الحج وكان أبو عبد الله البلخي يقول يسعه التأخير في الزكاة لان الامر به مطلق عن الوقت وهكذا رواه هشام عن أبي يوسف رحمه الله تعالى وفرق على قوله بين الزكاة وبين الحج وقال أداء الحج يختص بوقت وفى التأخير عنه تفويت لأنه لا يدرى هل يبقى إلى السنة الثانية أم لا وليس في تأخير الزكاة تفويت فكل وقت صالح لأدائها ثم على السنة الأولى وجب عليه شاتان فانتقص بقدرهما من العشر فلا يلزمه في الثانية الا شاة وهذا عندنا وعلى قول زفر رحمه الله تعالى يلزمه شاتان للسنة الثانية فان دين الزكاة عنده لا يمنع وجوب الزكاة قال لأنه دين وجب لله تعالى كالنذور والكفارات والفقه فيه أنه ليس بدين على الحقيقة حتى يسقط بموته قبل الأداء. وكان البلخي يفرق على أصل زفر رحمه الله تعالى بين دين الزكاة عن الأموال الظاهرة والباطنة فقال في الأموال الظاهرة للساعي حق المطالبة بها فكان نظير دين العباد بخلاف الأموال الباطنة وقيل لأبي يوسف رحمه الله تعالى ما حجتك على زفر رحمه الله تعالى فقال ما حجتي على رجل يوجب في مائتي درهم أربعمائة درهم ومراده إذا ملك مائتي درهم فحال عليها ثمانون حولا. ثم دين الزكاة عن الأموال الباطنة بمنزلته عن الأموال الظاهرة فان المصدق كان يأخذ منها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده رضي الله عنهما حتى فوض عثمان رضي الله عنه الأداء إلى أرباب الأموال لما خاف المشقة
(١٦٩)