الزكاة بنفسه يتضمن عزل الوكيل فلا يثبت حكمه في حقه قبل العلم به ولأنه كان عن قصد وفعل من الموكل فهو كالتصريح بالعزل ونظيره لوكيل بقضاء الدين إذا قضي الموكل بنفسه ثم قضى الوكيل فان علم بأداء الموكل فهو ضامن والا لم يضمن شيئا أما على رواية الزيادات قال هو مأمور بدفع المال إلى الفقير على وجه يكون صدقة وقربة وأداء الموكل بنفسه لا ينفى هذا المعنى فلا يوجب عزل الوكيل فكان هو في الأداء ممتثلا أمره فلا ضمان عليه سواء علم بأدائه أو لم يعلم بخلاف المأمور بقضاء الدين فإنه مأمور بان يملكه ما في ذمته بما يدفع إليه وذلك لا يتصور بعد قضاء الموكل بنفسه الدين فكان قضاؤه عزلا للوكيل ولكن لا يثبت حكمه في حقه قبل العلم به دفعا للضرر عنه. فاما أبو حنيفة رحمه الله تعالى قال هو مأمور بأداء الزكاة وقد أدى غير الزكاة فكان مخالفا ضامنا. بيانه ان موجب أداء الزكاة سقوط الفرض عن ذمته وقد سقط بأداء الموكل بنفسه فلا يتصور اسقاطه بأداء الوكيل وكان أداء الموكل عزلا للوكيل من طريق الحكم لفوات المحل وذلك لا يختلف بالعلم والجهل كالوكيل ببيع العبد إذا أعتق الموكل العبد انعزل الوكيل علم به أولم يعلم بخلاف الوكيل بقضاء الدين فإنه مأمور بان يجعل المؤدى مضمونا على القابض على ما هو الأصل بأن الديون تقضى بأمثالها وذلك لا يتصور بعد أداء الموكل فلم يكن أداؤه. وجبا عزل الوكيل حكماء يوضح الفرق أن هناك لو لم نوجب الضمان على الوكيل لجهله بأداء الموكل لا يلحق الموكل فيه ضرر فإنه يتمكن من استرداد المقبوض من القابض ويضمنه إن كان هالكا وهنا لو لم نوجب الضمان أدى إلى الحاق الضرر بالموكل لأنه لا يتمكن من استرداد الصدقة من الفقير ولا تضمينه والضرر مدفوع فلهذا أوجبنا الضمان بكل حال (قال) رجل دفن ماله في بعض بيوته فنسيه حتى مضى على ذلك سنون ثم تذكر فعليه الزكاة لما مضى بخلاف ما إذا دفنه في الصحراء لان البيت حرز فالمدفون فيه يكون في يده حكما وقيام الملك واليد يمنع أن يكون المال تاويا فأما الصحراء فليس بحرز فانعدم به يده حين عدم طريق الوصول إليه وهو العلم فكان تاويا. يوضحه أن المدفون في بيته يتيسر طريق الوصول إليه بنبش كل جانب منه بخلاف المدفون في الصحراء وكذلك لو أودعه عند انسان ثم نسيه إن كان المودع من معارفه فعليه الزكاة لما مضى ان تذكره وإن كان ممن لا يعرفه فلا زكاة عليه فيما مضى لما بينا من تيسر الوصول إليه وتعذره والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب
(٢١٠)