جميع القوم وإن لم تزد بعض الطائفة على بعض فصلاتهم فاسدة لأنه لا ترجيح لاحد الفريقين ولا وجه لتصحيح صلاة الفريقين لان الصلاة التي افتتحت بامام لا يمكن اتمامها بإمامين. ولو قدم الامام رجلا قبل أن يخرج من المسجد وتقدم آخر وائتم بكل واحد منهما طائفة من القوم فهذا والأول سواء لان الذي تقدم بنفسه قبل خروج الامام في حكم من قدمه الامام إذا اقتدى به القوم فان الامام إنما يستخلف لاصلاح صلاتهم ولهم أن يشتغلوا باصلاح صلاتهم كما يكون ذلك للامام واقتداء القوم بمن تقدم بمنزلة تقديم الامام إياه ألا ترى ان اجتماع الناس على رجل بمنزلة استخلاف الامام الأعظم إياه في حكم ثبوت الإمامة له. ولو أن رجلا أم رجلين في مسجد فأحدث فقدم أحدهما ثم أحدث الثاني فخرج ونوى الثالث أن يكون اماما فهذا لا معتبر به فإنه متعين للإمامة سواء نوى أو لم ينو تحولت الإمامة إليه فان أحدث فخرج من المسجد قبل أن يعود أحد الأولين فسدت صلاتهما لأنه لم يبق لهما امام في المسجد ولم تفسد صلاته لأنه في حق نفسه كالمنفرد ولو لم يخرج من المسجد حتى استقبله الرجلان ثم خرج قبل أن يستخلف أحدهما وقبل أن يتقدم أحدهما فصلاة الرجلين فاسدة لأنه ليس أحدهما بتحول الإمامة إليه بأولى من الآخر وان تقدم أحدهما للإمامة أو قدمه الامام ثم خرج فصلاتهم جميعا تامة لان الإمامة قد تحولت إلى من قدمه الامام أو تقدم بنفسه فلم يخل مكان الإمامة عن الامام. ولو أن رجلا أم قوما في المسجد والمسجد ملآن وصف خارج من المسجد متصل بهم يصلون فأحدث وأخذ بيد رجل ممن هو خارج المسجد فقدمه فصلاتهم جميعا فاسدة وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى فاما على قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى فصلاتهم تامة قال لان الصفوف متصلة وبحكم اتصال الصفوف تصير الأمكنة المختلفة كمكان واحد ألا ترى أنهم إذا كانوا يصلون في الصحراء فاستخلف الامام من آخر الصفوف قبل أن يجاوزها صح الاستخلاف ولم تفسد صلاتهم بتأخير الاستخلاف إلى آخر الصفوف فكذلك إذا كان الامام في المسجد والدليل عليه أن القوم الذين هم خارج المسجد صح اقتداؤهم بالامام وإنما صح اقتداؤهم به لان الموضع الذين هم فيه بمنزلة المسجد في حكم الصلاة فكذلك في حكم الاستخلاف وهذا لان الاستخلاف إنما يكون لا صلاح صلاة القوم وحاجة الذين هم خارج المسجد إلى ذلك كحاجة الذين هم في المسجد ألا ترى أنه قبل أن يخرج من المسجد لو أشار إلى بعض من كان خارج المسجد حتى دخل فتقدم كان استخلافه صحيحا
(١١٦)