أرض إلى أرض يكون ضربا في الأرض ولو جوزنا نية الإقامة في موضعين جوزنا فيما زاد على ذلك فيؤدى إلى القول بأن السفر لا يتحقق لأنك إذا جمعت إقامة المسافر المراحل ربما يزيد ذلك على خمسة عشر يوما وهذا إذا نوى الإقامة في موضعين بمكة ومنى والكوفة والحيرة فإن كان عزم على أن يقيم بالليالي في أحد الموضعين ويخرج بالنهار إلى الموضع الآخر فان دخل أولا الموضع الذي عزم على المقام فيه بالنهار لا يصير مقيما وان دخل الموضع الذي عزم على الإقامة فيه بالليالي يصير مقيما ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لا يصير مسافرا لان موضع إقامة الرجل حيث يثبت فيه ألا ترى أنك إذا قلت للسوقي أين تسكن يقول في محلة كذا وهو بالنهار يكون في السوق * وكان سبب تفقه عيسى بن أبان هذه المسألة فإنه كان مشغولا بطلب الحديث قال فدخلت مكة في أول العشر من ذي الحجة مع صاحب لي وعزمت على الإقامة شهرا فجعلت أتم الصلاة فلقيني بعض أصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى فقال أخطأت فإنك تخرج إلى منى وعرفات فلما رجعت من منى بدا لصاحبي أن يخرج وعزمت أن أصاحبه فجعلت أقصر الصلاة فقال لي صاحب أبي حنيفة أخطأت فإنك مقيم بمكة فما لم تخرج منها لا تكون مسافرا فقلت أخطأت في مسألة في موضعين ولم ينفعني ما جمعت من الاخبار فدخلت مجلس محمد رحمه الله تعالى واشتغلت بالفقه * قال (فإن لم يعزم على الإقامة مدة معلومة ولكنه مكث أياما في المصر وهو على عزم الخروج لا يصير مقيما عندنا وان طال مكثه) وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه إذا زاد على ثمان عشرة ليلة أتم الصلاة لان النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بعد الفتح ثمان عشرة ليلة وكان يقصر الصلاة والقياس أن السفر ينعدم بالمقام لأنه ضده تركناه في هذه المدة للنص فبقي ما رواه على أصل القياس (ولنا) ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة وابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة وأنس أقام بنيسابور شهرا يقصر الصلاة وعلقمة بن قيس أقام بخوارزم سنين يقصر الصلاة ولأنه لو خرج خلف غريم له لم يصر مسافرا ما لم ينو أدنى مدة السفر وان طاف جميع الدنيا فكذلك لا يصير مقيما ما لم ينو المكث أدنى مدة الإقامة وان طال مقامه اتفاقا * قال (وان خرج من مصره مسافرا بعد ما دخل وقت الصلاة صلى صلاة المسافر عندنا) وقال ابن شجاع رحمه الله تعالى يصلى صلاة المقيم وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه إذا مضى من الوقت مقدار
(٢٣٧)