المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
ركعتان وسأله رجلان أحدهما كان يتم الصلاة في السفر والثاني يقصر عن حالهما فقال للذي قصر أنت الذي أكملت وقال للآخر أنت قصرت ولما صلى عثمان رضى الله تعالى عنه بعرفات أربعا قال ابن مسعود رضي الله عنه صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المقام ركعتين ومع أبى بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ركعتين ثم اختلف بكم الطرق فليت حظي من الأربع مثل حظي من الركعتين فلما بلغ ذلك إلى عثمان قال إني تأهلت بمكة وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تأهل ببلدة فهو من أهلها فانكار عبد الله ابن مسعود واعتذار عثمان دليل على أن فرض المسافر ركعتان إلا أن ابن مسعود أحب أن يأمن عثمان غيره لتكون إقامة الصلاة على هيئة فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان رضى الله تعالى عنه أقام بنفسه لكثرة الاعراب بعرفات كيلا يظن ظان أن الصلاة في حق المقيم ركعتان والمعنى فيه أن الشفع الثاني ساقط عن المسافر لا إلى بدل وبقاء الفرضية يوجب القضاء أو الأداء فحين لم يثبت في حقه واحد منهما عرفنا أنه لم تبق الفرضية فيما زاد على الركعتين في حقه وأن الظهر في حقه كالفجر في حق المقيم ثم المقيم إذا صلى أربعا فإن لم يقعد في الثانية فسدت صلاته لاشتغاله بالنفل قبل اكمال الفرض وان قعد في الثانية جازت صلاته والأخريان تطوع له فكذلك هنا وبه فارق الصوم فان الفرضية لما بقيت هناك لم ينفك عن قضاء أو أداء. وتأويل حديث عائشة رضى الله تعالى عنها ما قيل إنها كانت تتنقل من بيت بعض أولادها إلى بيت بعض فلم تكن مسافرة وفى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقبلوا صدقته ما يدل على أن القصر عزيمة لأنه أمر به والامر يدل على الوجوب وتأويل الآية التجوز في القراءة والأركان عند الخوف فأما صلاة المسافر عرفناه بالسنة كما روينا من الآثار * قال (مسافر صلى الظهر ركعتين وسلم وعليه سهو ثم نوى الإقامة فصلاته تامة) لان نيته لم تصادف حرمة الصلاة عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى فلا يتغير به فرضه وليس عليه سجود السهو لأنه لو سجد للسهو كان عائدا إلى حرمة الصلاة فيتغير فرضه بنية الإقامة ويكون سجوده في خلال الصلاة وكما يسجد بترك الاتمام للصلاة فلا فائدة في الاشتغال به وإن كان بنية الإقامة بعدما عاد إلي سجود السهو قام فأتم صلاته لان نيته حصلت في حرمة الصلاة وعند محمد رحمه الله تعالى هما سواء يقوم فيتم صلاته ثم يسجد للسهو لان عنده بالسلام لا يصير خارجا من الصلاة
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست