المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٨٤
فقد ترك المكان المختار له وترك فرضا من فروض الصلاة أيضا فان عليه أن يؤخرها عند أداء الصلاة بالجماعة قال عليه الصلاة والسلام أخروهن من حيث أخرهن الله والمراد من الامر بتأخيرها لأجل الصلاة فكان من فرائض صلاته وهذا لان حال الصلاة حال المناجاة فلا ينبغي أن يخطر بباله شئ من معاني الشهوة فيه ومحاذاة المرأة إياه لا تنفك عن ذلك عادة فصار الامر بتأخيرها من فرائض صلاته فإذا ترك تفسد صلاته وإنما لا تفسد صلاتها لان الخطاب بالتأخير للرجل وهو يمكنه أن يؤخرها من غير أن يتأخر بأن يتقدم عليها ولهذا لم تفسد صلاة الجنازة بالمحاذاة لأنها ليست بصلاة مطلقة هي مناجاة بل هي قضاء لحق الميت ثم ليس لها في الصلاة على الجنازة مقام لكونها منهية عن الخروج في الجنائز ولا تفسد صلاة من هو على يمين من هو على يمينها ومن على يسار من هو على يسارها إذ هناك حائل بينها وبينهما بمنزلة الأسطوانة أو كان من الثياب فإن كان صف تام من النساء وراءهن صفوف من الرجال فسدت صلاة تلك الصفوف كلها استحسانا والقياس مثل الأول انه لا تفسد الا صلاة صف واحد خلف صفوف النساء لان تحقق المحاذاة في حقهم ولكنه استحسن حديث عمر رضى الله تعالى عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين الامام نهر أو طريق أو صف من النساء فلا صلاة له ولان الصف من النساء بمنزلة الحائط بين المقتدى وبين الامام ووجود الحائط الكبير الذي ليس عليه فرجة بين المقتدى والامام يمنع صحة الاقتداء فكذلك في الصف من النساء فأما المرأتان والثلاث إذا وقفن في الصف فالمروي عن محمد بن الحسن رحمه الله تعالى ان المرأتين تفسدان صلاة أربعة نفر من عن يمينهما ومن عن يسارهما ومن خلفهما بحذائهما والثلاث يفسدن صلاة من عن يمينهن ومن عن يسارهن وثلاثة ثلاثة خلفهن إلى آخر الصفوف وقال الثلاث جمع متفق عليه فهو قياس الصف التام فأما المثنى فليستا بجمع تام فهما قياس الواحدة لا يفسدان الا صلاة من خلفهما وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى روايتان في إحداهما جعل الثلاث كالاثنتين وقال لا يفسدن الا صلاة خمسة نفر من عن يمينهن ومن عن يسارهن ومن خلفهن بحذائهن لان الأثر جاء في صف تام والثلاث ليس بصف تام من النساء وفى الرواية الأخرى جعل المثنى كالثلاث وقال يفسدان صلاة من عن يمينهما ومن عن يسارهما وصلاة رجلين خلفهما إلى آخر الصفوف لان للمثنى حكم الثلاث في الاصطفاف حين يصطفان خلف الإمام قال عليه
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست