المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٨٣
أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفى الاستحسان يجزئه وهو قولهما. وجه القياس أنه بالاقتداء بالقارئ قد التزم أداء هذه الصلاة بقراءة وقد عجز عن ذلك حين قام للقضاء لأنه منفرد فيما يقضى فلا تكون قراءة الإمام له قراءة فتفسد صلاته. وجه الاستحسان أنه إنما يلتزم القراءة ضمنا للاقتداء وهو مقتد فيما بقي على الامام لا فيما سبقه به الامام يوضحه أنه لو بنى كان مؤديا بعض الصلاة بالقراءة ولو استقبل كان مؤديا جميعها بغير قراءة وأداء البعض مع القراءة أولى من أداء الكل بغير قراءة * قال (رجل صلى أربع ركعات تطوعا ولم يقعد في الثانية ففي القياس لا يجزئه وهو قول محمد وزفر رحمهما الله) لان كل شفع من التطوع صلاة على حدة تفترض القعدة في آخرها فترك القعدة الأولى هنا كتركها في صلاة الفجر والجمعة فتفسد به الصلاة وفي الاستحسان تجزئه وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهم الله تعالى بالقياس على الفريضة لان حكم التطوع أخف من حكم الفريضة ويجوز أداء الفريضة أربع ركعات بقعدة واحدة فكذلك التطوع ألا ترى أن في التطوع يجوز الأربع بتسليمة واحدة وبتحريمة واحدة بالقياس على الفرض فكذلك في القعدة وعلى هذا قالوا لو صلى التطوع بثلاث ركعات بقعدة واحدة ينبغي أن يجوز بالقياس على صلاة المغرب والأصح أنه لا يجوز لان التطوع بالركعة الواحدة غير مشروع فيفسد ما اتصل به القعدة وبفسادها يفسد ما قبله. واختلف مشايخنا فيمن تطوع بست ركعات بقعدة واحدة فجوزها بعضهم بالقياس على التحريمة والتسليمة والأصح أنه لا يجوز لان استحسانه في الأربع كان بالقياس على الفريضة وليس في الفرائض ست ركعات يجوز أداؤها في قعدة واحدة فيعاد فيه إلى أصل القياس لهذا * قال (امرأة صلت خلف الامام وقد نوى الامام امامة النساء فوقفت في وسط الصف فإنها تفسد صلاة من عن يمينها ومن عن يسارها ومن خلفها بحذائها عندنا استحسانا) وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه لا تفسد صلاة أحد بسبب المحاذاة لان محاذاة المرأة الرجل لا تكون أقوى من محاذاة الكلب أو الخنزير إياه وذلك غير مفسد لصلاة الرجل ولو فسدت الصلاة بسبب المحاذاة لكان الأولى أن تفسد صلاتها لأنها منهية عن الخروج إلى الجماعة والاختلاط بالصفوف يدل عليه ان المحاذاة في صلاة الجنازة أو سجدة التلاوة غير مفسد على الرجل صلاته فكذلك في سائر الصلوات (ولنا) أنه ترك المكان المختار له في الشرع فتفسد صلاته كما لو أخرها وشرها أولها فالمختار للرجال التقدم على النساء فإذا وقف بجنبها أو خلفها
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست