المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٤٦
الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى الفجر ولا يعرف أحدنا من إلى جنبه من شدة الغلس ولان في هذا إظهار المسارعة في أداء العبادة وهو مندوب إليه لقوله تعالى وسارعوا إلى مغفرة من ربكم (ولنا) حديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر وحديث الصديق عن بلال رضى الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نوروا بالفجر أو قال أصبحوا بالصبح يبارك لكم ولان في الاسفار تكثير الجماعة وفى التغليس تقليلها وما يؤدى إلى تكثير الجماعة فهو أفضل ولان المكث في مكان الصلاة حتى تطلع الشمس مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم من صلى الفجر ومكث حتى تطلع الشمس فكأنما أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل وإذا أسفر بها تمكن من احراز هذه الفضيلة وعند التغليس قلما يتمكن منها فأما حديث عائشة رضي الله عنها فالصحيح من الروايات أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر قال ابن مسعود رضى الله تعالى عنه ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة قبل ميقاتها الا صلاة الفجر صبيحة الجمعة فإنه صلاها يومئذ بغلس فدل أن المعهود أسفاره بها فان ثبت التغليس في وقت فلعذر الخروج إلى سفر أو كان ذلك حين يحضر النساء الصلاة بالجماعة ثم انتسخ ذلك حين أمرن بالقرار في البيوت * قال (والأفضل في صلاة الظهر أن يؤخرها ويبرد بها في الصيف وفي الشتاء يعجلها بعد الزوال) وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه إن كان يصلى وحده يعجلها بعد الزوال في كل وقت وإن كان يصلى بالجماعة يؤخر يسيرا واستدل بحديث خباب ابن الأرت رضى الله تعالى عنه قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في خيامنا فلم يشكنا أي لم يجبنا إلى شكوانا فدل أنه كان يعجل الظهر وأصحابنا استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم أبردوا بالظهر فان شدة الحر من فيح جهنم وفي حديث أبي هريرة رضى الله تعالى عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلما زالت الشمس جاء بلال ليؤذن فقال له أبرد هكذا مرارا فلما صار للتلال فئ قال أذن ولان في التعجيل في الصيف تقليل الجماعات واضرارا بالناس فان الحر يؤذيهم وتأويل حديث خباب أنهم طلبوا ترك الجماعة أصلا على أن معنى قوله فلم يشكنا أي لم يدعنا في الشكاية بل أزال شكوانا بأن أبرد بها فأما في الشتاء فالمستحب تعجيلها لحديث أنس رضى الله تعالى عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر في الشتاء فلا يدرى أن ما مضى من النهار
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست