وبينهما وقت مهمل وهو الذي تسميه الناس بين الصلاتين كما أن بين الفجر والظهر وقتا مهملا واستدل بحديث امامة جبريل صلوات الله وسلامه عليه فإنه قال صلى بي العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله وصلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شئ مثله أو قال حين صلى العصر بالأمس وهكذا في حديث أبي هريرة وأبي موسى رضي الله عنهما في بيان المواقيت قولا وفعلا وأبو حنيفة رحمه الله تعالى استدل بالحديث المعروف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما مثلكم ومثل أهل الكتابين من قبلكم كمثل رجل استأجر أجيرا فقال من يعمل لي من الفجر إلى الظهر بقيراط فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من الظهر إلى العصر بقيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي من العصر إلى المغرب بقيراطين فعملتم أنتم فغضبت اليهود والنصارى وقالوا نحن أكثر عملا وأقل أجرا قال الله تعالى فهل نقصت من حقكم شيئا قالوا لا قال فهذا فضلي أوتيه من أشاء بين أن المسلمين أقل عملا من النصارى فدل أن وقت العصر أقل من وقت الظهر وإنما يكون ذلك إذا امتد وقت الظهر إلى أن يبلغ الظل قامتين وقال صلى الله عليه وسلم أبردوا بالظهر فان شدة الحر من فيح جهنم وأشد ما يكون من الحر في ديارهم إذا صار ظل كل شئ مثله ولأنا عرفنا دخول وقت الظهر بيقين ووقع الشك في خروجه إذا صار الظل قامة لاختلاف الآثار واليقين لا يزال بالشك * والأوقات ما استقرت على حديث امامة جبريل عليه السلام ففيه أنه صلى الفجر في اليوم الثاني حين أسفر والوقت يبقى بعده إلى طلوع الشمس وفيه أيضا انه صلى العشاء في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل والوقت يبقى بعده وقال مالك رحمه الله تعالى إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر فإذا مضى بقدر ما يصلى فيه أربع ركعات دخل وقت العصر فكان الوقت مشتركا بين الظهر والعصر إلى أن يصير الظل قامتين لظاهر حديث إمامة جبريل عليه السلام فإنه ذكر أنه صلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى العصر في اليوم الأول وهذا فاسد عندنا فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت صلاة أخرى وتأويل حديث امامة جبريل صلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شئ مثله أي قرب منه وصلى بي العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله أي تم وزاد عليه وهو نظير قوله تعالى فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن أي قارب بلوغ أجلهن وقال تعالى فبلغن أجلهن فلا
(١٤٣)