عند وجود الماء في قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة وقوله وان كنتم جنبا فاطهروا وذكر نوعي الحدث عند عدم الماء وأمر بالتيمم لهما بصفة واحدة فكان الحمل علي المجامعة أكثر إفادة من هذا الوجه. والدليل على جوازه للحائض والجنب حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن قوما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انا نكون في هذه الرمال وربما لا نجد الماء شهرا وفينا الجنب والحائض فقال صلى الله عليه وسلم عليكم بأرضكم وفى حديث أبي ذر رضي الله عنه قال اجتمع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إبل الصدقة فقال لي أبديها فبدوت إلى الربذة فأصابتني الجنابة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالك فسكت فقال ثكلتك أمك مالك فقلت انى جنب فأمر جارية سوداء فأتت بعس من ماء وسترتني بالبعير والثوب فاغتسلت فكأنما وضعت عن عاتقي حملا فقال النبي صلى الله عليه وسلم كان يكفيك التيمم ولو إلى عشر حجج ما لم تجد الماء * قال (ويجوز للمريض أن يتيمم إذا لم يستطع الوضوء أو الغسل) أما إذا كان يخاف الهلاك باستعمال الماء فالتيمم جائز له بالاتفاق لقوله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر قال ابن عباس رضي الله عنه نزلت الآية في المجدور والمقروح. وروى أن رجلا من الصحابة كان به جدري فاحتلم في سفر فسأل أصحابه فأمروه بالاغتسال فاغتسل فمات فلما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قتلوه قتلهم الله كان يكفيه التيمم وإن كان يخاف زيادة المرض من استعمال الماء ولا يخاف الهلاك جاز له التيمم عندنا. وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز لان التيمم مشروع عند عدم الماء وهو واجد للماء والعجز إنما يتحقق عند خوف الهلاك ولا يجوز التيمم لمن لا يخاف الهلاك (ولنا) أن زيادة المرض بمنزلة الهلاك في إباحة الفطر وجواز الصلاة قاعدا أو بالايماء فكذلك في حكم التيمم وهذا لان حرمة النفس لا تكون دون حرمة المال ولو كان يلحقه الخسران في المال باستعمال الماء بأن كأن لا يباع الا بثمن عظيم جاز له أن يتيم فعند خوف زيادة المرض أولى هذا كله إذا كان يستضر بالماء فإن كان لا يستضر بالماء ولكنه للمرض عاجز عن التحرك للوضوء فظاهر المذهب أنه ان وجد من يستعين به في الوضوء لا يجوز له التيمم وإن لم يجد من يعينه في الوضوء فحينئذ يتيمم لتحقق عجزه عن الوضوء وروي عن محمد رحمه الله تعالى * قال وإن لم يجد من يعينه في الوضوء من الخدم فليس له أن يتيمم في المصر إلا أن يكون مقطوع اليدين ووجهه أن الظاهر أنه في المصر
(١١٢)