وبين أن الله يسر عليه وعلى أمته وقد تدركه الصلاة في غير موضع التراب كما تدركه في موضع التراب فيجوز التيمم بالكل تيسيرا * ثم حاصل المذهب أن ما كان من جنس الأرض فالتيمم به جائز ومالا فلا حتى لا يجوز التيمم بالذهب والفضة لأنهما جوهران مودعان في الأرض ليس من جنسه حتى يذوب بالذوب وكذلك الرماد من الحطب لأنه ليس من جنس الأرض هكذا ذكر الشيخ الامام السرخسي وغيره من مشايخنا رحمهم الله * قال (إن كان الملح جبليا يجوز لأنه من جنس التراب وإن كان مائعا لا يجوز لأنه ليس من جنس التراب داء سبخ) وأما الكحل والمرداء سبخ من جنس الأرض فيجوز التيمم بهما والأجر كذلك لأنه طين مستحجر فهو كالحجر الأصلي والتيمم بالحجر يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وإن لم يكن عليه غبار. وعن محمد رحمه الله تعالى فيه روايتان في احدى الروايتين لا يجوز إلا أن يكون عليه غبار. والدليل على الجواز حديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بال فسلم عليه رجل فلم يرد عليه حتى كاد الرجل يتوارى بحيطان المدينة فضرب بيده على الحائط فتيمم ثم رد عليه السلام وحيطانهم كانت من الحجر فدل على جواز التيمم بها وكذلك الطين عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يجوز به التيمم لأنه من جنس الأرض وفى احدى الروايتين عن محمد رحمه الله تعالى لا يجوز بالطين * قال (وإذا نفض ثوبه أو لبده وتيمم بغباره وهو يقدر على الصعيد أجزأه) في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولا يجزئه عند أبي يوسف رحمه الله تعالى الا إذا كأن لا يقدر على الصعيد ووجهه أن الغبار ليس بتراب خالص ولكنه من التراب من وجه والمأمور به التيمم بالصعيد فان قدر عليه لم يجزه الا بالصعيد وإن لم يقدر فحينئذ تيمم بالغبار كما أن العاجز عن الركوع والسجود يصلى بالايماء وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى احتجا بحديث عمر رضى الله تعالى عنه فإنه كان مع أصحابه في سفر فنظروا بالخابية فأمرهم أن ينفضوا لبودهم وسروجهم ويتيمموا بغبارها ولان الغبار تراب فان من نفض ثوبه يتأذى جاره من التراب إلا أنه دقيق وكما يجوز التيمم بالخشن من التراب على كل حال فكذلك بالدقيق منه * قال (وان تيمم في أول الوقت أجزأه) وكذلك قبل دخول الوقت عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجزئه قبل دخول الوقت لأنها طهارة ضرورية فلا يعتد بها قبل تحقق الضرورة لكنا نستدل بقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فشرط عدم الماء فقط وجعله في حال
(١٠٩)