المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
الجواز كما قاله ابن عباس رضى الله تعالى عنهما مثل الذي يصلى وهو عاقص شعره كمثل الذي يصلى وهو مكتوف وبه فارق الوجه فان ترك الوضع فيه يمنع جواز السجود بخلاف الثوبين فان اللابس للثوب مستعمل له فإذا كان نجسا كان حاملا للنجاسة فلهذا تفسد صلاته كما لو كان يمسكه بيده والمصلى ليس بحامل للمكان حتى تفسد صلاته بهذا الطريق بل الطريق ما قلناه أن ما وضعه على مكان نجس يجعل كأنه لم يضعه أصلا * قال (رجل صلى على مكان من الأرض قد كان فيه نجاسة فجفت وذهب أثرها جازت صلاته عندنا) وقال زفر رحمه الله تعالى لا تجزئه لان الشرط طهارة المكان ولم يوجد بدليل أن التيمم لا يجوز بهذا الموضع (ولنا) قوله صلى الله عليه وسلم أيما أرض جفت فقد زكت أي طهرت وقال زكاة الأرض يبسها ثم النجاسة تحرقها الشمس وتفرقها الريح وتحول عينها الأرض وينشفها الهواء فلا تبقى عينها بعد تأثير هذا الأشياء فيها فتعود الأرض كما كانت قبل الإصابة وقد مر الفرق بين الصلاة والتيمم الصحيح من الجواب أنه لا فرق بين موضع تقع عليه الشمس أو لا تقع وبين موضع فيه حشيش نابت أوليس فيه لان الحشيش تابع للأرض فان أصاب الموضع ماء فابتل أو ألقي من ترابه في ماء قليل ففيه روايتان إحداهما أنه يعود نجسا كما قبل الجفاف والأخرى وهو الأصح أنه لا يتنجس لان بعد الحكم بطهارته لم يوجد الا إصابة الماء والماء لا ينجس شيئا بخلاف ما إذا أصابت النجاسة البساط فذهب أثرها لأن النجاسة تتداخل في أجزاء البساط فلا يخرجها الا الغسل بالماء وليس من طبع البساط أن يحول شيئا إلى طبعه ومن طبع الأرض تحويل الأشياء إلى طبعها فان الثياب إذا طال مكثها في التراب تصير ترابا فإذا تحولت النجاسة إلى طبع الأرض بذهاب أثرها حكمنا بطهارة الموضع لهذا وإن كان الأثر باقيا لم تجز الصلاة لان طهور الأثر دليل على بقاء النجاسة * قال (ولا بأس بأن يصلى على الثلج إذا كان ممكنا يستطيع أن يسجد عليه) معناه أن يكون موضع سجوده متلبدا لأنه حينئذ يجد جبينه حجم الأرض فأما إذا لم يكن متلبدا حتى لا يجد جبينه حجم الأرض حينئذ لا يجزئه لأنه بمنزلة السجود على الهواء على هذا السجود على الحشيش أو القطن ان شغل جبينه فيه حتى وجد حجم الأرض أجزأ وإلا فلا وكذلك إذا صلى على طنفسة محشوة جازت صلاته إذا كان متلبدا الا على قول مالك رحمه الله تعالى وقد روى عن بعض الصحابة قال ما أبالي صليت على
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست