منها لأنه يزول بيسير الانتباه، ولا كذلك هذه كان وجوبه بها أولى لأنها أدخل في استتار العقل، ولذلك لم يفرقوا بين طويلها وقصيرها ولا بين ثقيلها وخفيفها وحكموا بزوال التكليف معها بخلاف النوم، فصاحبه مخاطب، وإن رفع عنه الاثم والكلام في جنون يتقطع لا إن كان مطبقا فلا يحكم عليه بشئ (ويجب الوضوء من الملامسة) أي من الأسباب المؤدية إلى الحدث الملامسة وهي ما دون الجماع على ما فسر به جماعة من الصحابة والتابعين ومالك وأصحابه قول تعالى * (أو لامستم النساء) * (النساء: 43) وفسرها علي وابن عباس بالجماع، فيكون معنى قوله تعالى * (أو لامستم النساء) * (المائدة: 6) جامعتموهن (للذة) حاصل فقه المسألة أن اللامس إن كان قاصدا اللذة وجب عليه الوضوء بمجرد الملامسة وجد لذة أو لا، وأولى إن قصد ووجد وإن لم يكن قاصدا اللذة بل كان قاصدا بالملامسة الاختبار هل الجسم صلب أو لا، ولكنه وجد لذة فيجب عليه الوضوء لوجود اللذة، وإن لم تكن ناشئة عن قصد فمدار وجوب الوضوء على القصد، وإن لم يكن معه وجدان لذة وعلى الوجدان وإن لم يكن معه قصد، ولا بد أن يكون الوجدان حال اللمس، وأما بعده فلا، لأنه صار كاللذة بالتفكر، ولا شئ فيه. وأما إن لم يقصد ولم يجد فلا شئ عليه. هذا حكم اللامس، وأما الملموس فإن بلغ والتذ توضأ وإلا فلا شئ عليه ما لم يقصد اللذة، وإلا صار حكمه حكم اللامس (والقبلة للذة) ظاهر كلامه أن التقبيل مطلقا على الفم أو غيره يجري على القصد أو الوجدان، وليس كذلك، بل المشهور أن القبلة على الفم تنقض مطلقا قصد ووجد أم لا، لأنها مظنة اللذة، ما لم تكن قرينة صارفة للذة.
(ومن مس الذكر) أي من الأسباب المؤدية إلى الحدث مس الذكر لما في الموطأ وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ