المكلف حرا عفيفا بالغا للزنا والحال أنه مجنون فيقتضي أن الناسب المذكور يحد وليس كذلك وغير جامع لعدم صدقه بما إذا نسب المكلف ذكرا حرا مسلما عفيفا غير بالغ بل مطيق للزنا فيه فيقتضي أن ذلك الناسب لا يحد وليس كذلك، فلو قال مسلما عاقلا بالغا ومطيقا للزنا لكان أولى ويكون قوله بالغا فيما إذا قذفه بكونه فاعلا وقوله أو مطيقا فيما إذا قذفه بكونه مفعولا سواء كان ذكرا أو أنثى وقوله أو قطع نسب مسلم عطف على قوله نسبة آدمي وأو للتنويع، فلا ضرر في دخولها في التعريف لا للشك والتردد وكان عليه أن يزيد حر بد قوله مسلم، وإلا لو رد عليه أنه غير مانع لصدقه بما إذا قطع نسب المسلم العبد عن أبيه فيقتضي أنه يحد مطلقا وليس كذلك بل لا حد عليه إلا إذا كان أبوه حرا مسلما كما يأتي. قوله: (المكلف) أي البالغ العاقل سواء كان حرا أو عبدا مسلما أو كافرا فالشرط في حد القاذف التكليف. قوله: (ولو كافرا) أي إذا كان القذف صادرا منه ببلد الاسلام وأما الكافر ببلاد الحرب إذا قذف مسلما فيها ثم أسلم أو أسر فلا حد عليه اتفاقا.
قوله: (أو سكران) أي بسكر أدخله على نفسه وإلا فلا حد عليه لأنه كالمجنون. قوله: (ولو تاب) أي ذلك المقذوف بأن رجع للاسلام. قوله: (كما لا حد على قاذف عبد) أي بزنا أو بنفي نسبه إلا أن يكون أبواه حرين مسلمين فيحد لهما اتفاقا وكذا إن كان أبواه حرا مسلما وأمه كافرة، أو أمة عند ابن القاسم لأنه إذا قال له لست ابنا لفلان فقط قذف فلانا بأنه أحبل أمه في الزنا قبل نكاحها فيصدق عليه أنه قذف حرا مسلما.
وقد توقف مالك في الحد هذه الصورة نظرا لاحتمال اللفظ أم ذلك المقذوف حملت به من غير أبيه فلان فيكون القاذف قذف كافرة أو أمة. قوله: (أو جد) أي فإذا قال شخص لآخر لست ابن فلان الذي هو جده فإنه يحد ولو قال أردت لست ابنه من صلبه لان بينك وبينه أبا فلا يصدق كما قاله في المدونة إلا لقرينة تعين أن مراده ذلك كما في المج. قوله: (من جهة الأب) أي حالة كون الجد كائنا من جهة الأب لامن جهة الأم فان نفاه عن جده لامه فإنه يؤدب فقط قوله (كما في المدونة) أي فقول خش قوله حرا مسلما ما لم يكن أبواه رقيقين أو كافرين مخلف للمدونة قال بن ولم أر من صرح بذلك غير.
قوله: (صريحا) أي كقوله له لست ابنا لفلان. قوله: (أو تلويحا) أي مفهما لنفي النسب بالقرائن كالخصام وكذا يقال في قوله أو إشارة أي بعين أو حاجب أو يد. قوله: (كما يأتي) راجع للتصريح والتلويح. قوله: (لان الأمومة محققة لا تنتفي) أي فقول القاذف له لست ابنا لفلانة مقطوع بكذبه فلا يلحق المقذوف معرة بذلك فلذا لم يحد القاذف. قوله: (فلا يعلم كذبه في نفيه) أي لا يعلم هل هو كاذب في نفيه عن أبيه أوليس بكاذب في نفيه عنه فيلحقه بذلك المعرة فلذا حد القاذف. قوله: (ولا إن نبذ) أي ولا إن نفى نسب من نبذ أي طرح فلم يدر له أب ولا أم فلا يحد وفيه صورتان الأولى أن ينفيه عن أب معين كلست ابن فلان ولا حد عليه في هذه اتفاقا الثانية أن يقول له يا ابن الزنا وفيها قولان قال اللخمي لا يحد لان الغالب في المنبوذ أن يكون ابن زنا. وقال ابن رشد يحد لاحتمال أن يكون نبذ مع كونه من نكاح صحيح.
ومعلوم أن قول ابن رشد هو المقدم وظاهر المصنف خلافه فينبغي استثناء هذه من كلام المصنف، وأما لو قال له يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية فهذا قذف بزنا أبويه لا ينفى النسب فلا حد على القاذف اتفاقا، وعلله ابن رشد بجهل أبويه وهذه الصورة لا تدخل في كلام المصنف إذ ليس فيها قذف بنفي نسب وكلا منا فيه، وبذلك تعلم ما في قول شارحنا تبعا لعبق وخش وأما لو نفى نسبه مطلقا كابن الزانية أو الزاني أو ابن الزنا فيحد من أن الصواب حذف قوله كابن الزانية أو الزاني والاقتصار على قوله أو ابن الزنا وتعلم أن الحد فيه قول ابن رشد وهو المعتمد انظر بن. قوله: (مطلقا) أي من غير تعيين للمنفي عنه. قوله: (لأنه لا يلزم الخ) أي لجواز ان ينبذ وهو من نكاح صحيح. قوله: (ضعيف) قد علمت أنه هو النقل ولا خلاف