أنه لا بد في القود من المكافأة في الحالات الثلاث، حالة الرمي وحالة الإصابة وحالة الموت، ومتى فقد التكافؤ في واحد منها سقط القصاص وبين هنا أنه في الخطأ والعمد الذي فيه مال إذا زالت المكافأة بين السبب والمسبب أو عدمت قبل السبب وحدثت بعده وقبل المسبب ووجبت الدية كان المعتبر في ضمانها وقت المسبب وهو وقت الإصابة في الجرح ووقت التلف في الموت ولا يراعي فيه وقت السبب وهو الرمي على قول ابن القاسم ورجع إليه سحنون خلافا لأشهب. قوله: (فمن رمى عبدا أو كافرا الخ) المساواة هنا غير موجودة حالة الرمي الذي هو السبب وإنما وجدت قبل الإصابة وهي المسبب وقوله فمن رمى عبدا أي خطأ فنشأ عنه جرح أو رماه عمدا فنشأ عن الرمي آمة أو منقلة أو غيرهما من الجراحات التي لا قصاص فيها لكونها من المتالف. قوله: (فإنه يضمن عوض جرح حر أو مسلم) أي اعتبارا بوقت المسبب لا عوض جرح كافر ولا أرش العبد اعتبارا بوقت السبب كما قال أشهب.
قوله: (ومن جرح من ذكر) أي عبدا أو كافرا فلم تصل الرمية إليه حتى أسلم الكافر وعتق العبد ثم مات بعد وصول الرمية إليه فالمساواة غير موجودة وقت السبب وهو الرمي ووجدت بعده وقبل المسبب وهو الموت وترك الشارح مثال ما إذا كانت المساواة موجودة حين السبب وزالت قبل المسبب وذلك كما لو جرح مسلم مسلما فارتد المجروح ونزا جرحه فمات فلا قود في النفس قطعا لما علمت أن شرط القود وجود المساواة حين السبب والمسبب معا اتفاقا، وكذا لا قصاص ولا دية في الجرح عند ابن القاسم لاعتباره وقت المسبب والمجروح وقته غير معصوم فلا قصاص وقال أشهب بثبوت الدية في الجرح لوجود المساواة حين السبب. قوله: (بضم الجيم) أي وهو أثر فعل الفاعل. قوله: (بأن يقصد الضرب عدوانا) أي تعديا فنشأ عنه جرح لا لعب ولا للأدب فينشأ عنه جرح فلا قصاص فيه. قوله: (الخ) أي وغير زائد حرية أو إسلام من حين الرمي إلى حين الجرح. قوله: (بأن يكون معصوما) أي بأن يكون المحل المجني عليه معصوما. قوله: (للتلف) أي من حين الرمي إلى حين التلف أو إلى حين الإصابة فالأولى بالنسبة للقطع والثاني بالنسبة للجرح حقيقة. قوله: (وكان الأولى تأخيره) أي تأخير الفاعل وقوله ليتصل به أي ليتصل المستثني بالمستثنى منه وذلك بأن قول والجرح كالنفس في الفعل والمفعول والفاعل إلا ناقصا جرح كاملا. قوله: (كما مر) أي في قوله وقتل الأدنى بالأعلى. قوله: (فحكومة) أي في رقبة العبد وذمة الكافر. قوله: (فليس على الجاني) أي فليس على العبد أو الكافر الجاني إلا الأدب.
قوله: (ولم يمت) وأما إذا مات فقد تقدم أنه يقدم الأقوى فعلا فيقتص منه قتلا بقسامة ويقتص من غيره جرحا مثل ما فعل فإن لم يكن فيها أقوى قتل الجميع كما إذا لم تتميز. قوله: (ولا ينظر لتفاوت الخ) أي بل يقتص من كل واحد بمساحة ما جرح ولا يضر كون المساحة قد تكون ثلث عضو المجني عليه ونصف عضو الجاني وبالعكس. قوله: (فيما إذا لم تتميز) أي والفرض أنهم لم يتمالؤا. قوله: (دية الجميع) أي جميع الجراحات. قوله: (اقتص من كل بقدر الجميع) فإذا تعدد العضو المجني عليه بأن قلع واحد عينه وواحد قطع رجله وكانا متمالئين على قلع عينه وقطع رجله فإنه تقلع عين كل واحد منهما وتقطع رجله