قوله: (ثم رجعا عن شهادتهما) أي فطالبهما المقضى عليه بأصل شهادتهما بما غرمه فرجعا عن رجوعهما قوله: (كالراجع المتمادي) أي كما يغرم الراجع المتمادي على رجوعه ولم يرجع عنه. قوله: (وإن علم الخ) أي إن ثبت علمه بذلك بإقراره لا ببينة تشهد عليه بعلمه فلا يقتص منه وذلك لفسقهم بكتمهم الشهادة قبل الاستيفاء. وقوله الحاكم لا مفهوم له بل مثله المحكم فيقتص منه إن علم بكذب الشهود وحكم بقتل أو جرح لمضي حكمه في ذلك. قوله: (اقتص منهما) أي ولا شئ على من باشر القتل وهو الجلاد لأنه مأمور الشرع ما لم يعلم بكذب الشهود وإلا اقتص منه كالحاكم. قوله: (ومفهوم علم بكذبهم أنه) أي الحاكم وكذا ولي الدم. قوله: (وإنما يلزمه الدية) أي في ماله وذلك لأنه لا يلزم من وجود الجارح في الشاهد كذبه، قوله: (ومحل عدم غرمهما الخ) أشار بهذا إلى أن قول المصنف، إن دخل شرط فيما قبل الكاف ولا يتوهم رجوعه لما بعدها على قاعدته الأغلبية ولعدم صحته هنا وإنما لم يؤخر قوله كعفو القصاص عن شرط ما قبله مع مفهومه لئلا يتوهم أن التشبيه في غرم النصف. قوله: (وإلا فنصفه) هذا قول ابن القاسم في المدونة، وقوله: وإنما يجب لها النصف بالطلاق أي فسبب شهادتهما بالطلاق غرم الزوج لها نصف الصداق لوجوبه، فإذا رجعا عن الشهادة به غرماه للزوج لأنهما أتلفاه عليه بشهادتهما، وقال غير واحد: إذا رجعا عن الشهادة بالطلاق قبل الدخول غرما نصف الصداق للزوجة لا للزوج بناء على أنها تملك بالعقد الجميع والطلاق يشطره فالصداق كان واجبا لها بالعقد على الزوج والشاهدان منعاها نصفه بشهادتهما وأخذت نصفه فإذا رجعا عنها غرما لها النصف الذي فوتاه عليها فيكمل لها الصداق. والحاصل أن المدونة قالت: وإن رجعا عن طلاق فلا غرم إن دخلا وإلا غرما نصف الصداق فقد نص فيها على أنهما يغرمان النصف إذا رجعا وسكت فيها عن مستحقه، فمن المختصرين من يقول للزوج ويعلله بأنها لا تملك بالعقد شيئا، ومنهم من يقول للزوجة ويرى أن الصداق كان واجبا لها بالعقد على الزوج والشاهدان منعاها من نصفه بشهادتهما فيغرمانه لها إن رجعا عنها، وكل من التأويلين أي غرم النصف للزوج أو للزوجة مبني على ضعيف لان القول بأنها لا تملك بالعقد شيئا والطلاق يقرر نصف الصداق، وكذلك القول بأنها تملك بالعقد كل الصداق والطلاق يشطره ضعيف والمعتمد أنها تملك بالعقد نصف الصداق، وعلى ذلك ينبني قول أشهب وسحنون وابن المواز من أنهما إذا شهدا بالطلاق قبل البناء وحكم به وغرم الزوج لها نصف الصداق ثم رجعا عن الشهادة فلا غرم عليهما. قوله: (وهو مشهور) أي ما ذكره المصنف من غرمهما النصف إذا رجعا عن شهادتهما بالطلاق قبل الدخول مشهور. وقوله مبني على ضعيف وهو أن المرأة لا تملك بالعقد شيئا. قوله: (وعليه فلا غرم عليهما) أي لأنهما لم يفوتا بشهادتهما شيئا لا للزوجة ولا للزوج لأنهما لم يتسببا في وجوب شئ قوله: (وأنكر الدخول بها) أي وادعى أن الطلاق قبل الدخول وأن اللازم له نصف الصداق. قوله: (فشهدا عليه به) أي بالدخول أي وحكم بتكميل الصداق عليه بسبب شهادتهما. قوله: (فيغرمان له نصفه) أي دون النصف الآخر لان الزوج مقر بالطلاق قبل الدخول.
(٢١٠)