لأنها للفقراء والوصية للأغنياء ولا أعرف هذا القول ولا وجه له إذ قد يتصدق على الغني ويعطى للفقير، ويلزم أن تبدأ الوصية للفقير على الوصية للغني وذلك خلاف الاجماع، وإنما الاختلاف المعلوم في الصدقة المبتلة في المرض والوصية هل يتحاصان، أو تبدأ الصدقة المبتلة من أجل أنه إن صح لزمته، فروى الحارث عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول في الرجل يتصدق بالصدقة في مرضه ويوصي لناس بوصايا ثم يموت فيريد أهل الوصايا أن يدخلوا على المتصدق عليه قال: لا أرى ذلك لهم لأنه لو عاش ثم أراد أن يرجع في صدقته لم يكن له ذلك. ومثل هذا في المختصر الكبير لابن عبد الحكم عن مالك، ومثل هذا في كتاب ابن حبيب، وقد اختلف قول مالك في هذا الأصل انتهى. فحاصله أن الصدقة المبتلة ومثلها العطية المبتلة يقدمان على الوصايا على القول المروي عن مالك وعن أكثر أصحابه. وهل يقدمان على الموصى بعتقه؟ اختار ابن القاسم تبدئة الموصى بعتقه والله أعلم. وهل تحتاج العطية في المرض إلى حوز؟ ففي المنتقى عدم احتياجها أنظره فيه بعد. يشير والله أعلم إلى قول الباجي في المنتقى في الوصايا في ترجمة الوصية في الثلث في شرح قوله في الحديث: إياهم وثلث مالي قال:
لا فضل إن حملنا قوله: أنا أتصدق بثلث مالي على بتل الصدقة في المرض، والنبي عليه السلام منع من ذلك، وعلى هذا فقهاء الأمصار أنه لا يجوز للمريض أن يبتل من ماله إلا ثلثه بصدقة أو هبة أو عتق أو محاباة في بيع، فإن زاد على ذلك فالزيادة موقوفة، فإن أفاق من مرضه ذلك لزمه جميعه، وإن مات من مرضه ذلك فحكمه حكم الوصية إن أجازه، الورثة وإلا رد إلى الثلث، ولا يعتبر في ذلك قبض الهبة لان حكمه حكم الوصية. وشذ أهل الظاهر وقالوا: يلزمه الجميع إذا قبض الهبة أو الصدقة انتهى. والمراد منه قوله ولا يعتبر في ذلك قبض