مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٢٧٩
إنما هو التنبيه على فرع متفق عليه وهو إذا ادعى الوارث الجهل بملكية مورثه فإنه يقبل قوله مع يمينه. ثم قال بعده: قال ابن العربي: وانظر إذا قال علمت المالك إلى آخر الفرع المتقدم ويشير بالفرع المتفق عليه إلى ما نقله أبو الحسن وابن فرحون عن الوثائق المجموعة في كلامها المتقدم.
وقوله: عشر سنين يعني أن مدة الحيازة الذي تبطل دعوى المدعي عشر سنين، وهذا التحديد ذكره في المدونة عن ربيعة ونصه: ولم يحد مالك في الحيازة في الربع عشر سنين ولا غير ذلك. وقال ربيعة: حوز عشر سنين يقطع دعوى الحاضر إلا أن يقيم بينة أنه إنما أكرى أو أسكن أو أخدم أو أعار ونحوه ولا حيازة على غائب. وذكر ابن المسيب وزيد بن أسلم أن النبي (ص) قال: من حاز شيئا عشر سنين فهو له. انتهى. قال في التوضيح: وبهذا أخذ ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ، ودليله ما رواه أبو داود في مراسيله عن زيد بن أسلم وذكر الحديث. ثم قال: ولابن القاسم في الموازية أن السبع والثمان وما قارب العشرة مثل العشرة انتهى. فتحصل في مدة الحيازة ثلاثة أقوال: الأول قول مالك في المدونة أنها لا تحدد بسنين مقدرة بل باجتهاد الامام، وهكذا نقل ابن يونس فقال: ولم يحد مالك في الرباع عشر سنين ولا غير ذلك، ولكن على قدر ما يرى أن هذا قد حازها دون الآخر فيما يهدم ويبنى ويسكن ويكرى اه‍. وهكذا نقله ابن عرفة وسيأتي لفظه. والقول الثاني أن مدة الحيازة عشر سنين وهو القول الذي مشى عليه المصنف في كتاب الشهادات، وعليه اقتصر في الرسالة. قال في النوادر: وبه أخذ ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ، وهكذا عزاه ابن يونس وابن شاس، وتقدم نحوه عن التوضيح ونقله ابن عرفة عن النوادر. وقال ابن يونس: قال ابن سحنون: لما أمر الله نبيه بالقتال بعد عشر سنين كانت أبلغ شئ في الاعذار. واعتمد أهل المذهب على الحديث المتقدم وعلى أن كل دعوى يكذبها العرف فإنها غير مقبولة، ولا شك أن بقاء ملك الانسان بيد الغير يتصرف فيه عشر سنين دليل على انتقاله عنه والله أعلم. والقول الثالث أن مدة الحيازة سبع سنين فأكثر وهو قول ابن القاسم الثاني. وقد ذكر ابن عرفة هذه الثلاثة الأقوال فقال: وفي تحديد مدة الحيازة بعشر أو سبع ثالثها لا تحديد بعدة بل باجتهاد الامام. وقال في المسائل الملقوطة:
مسألة في قناة تجري منذ سنة في أرض رجل والذي تجري عليه ساكت لا تكون السنة حيازة للتغافل عن مثلها وسكوت أربع سنين طول وحوز. من كتاب الشهادات لابن يونس انتهى. فتأمله مع ما تقدم. وهل يكون قولا رابعا أو لا والله أعلم. وقوله: لم تسمع ولا بينة هو جواب الشرط يعني أن الحيازة إذا وقعت على الوجه المذكور فهي مانعة من سماع دعوى المدعي. والظاهر أن المراد بعدم سماعها عدم العمل بها وبمقتضاها من أنه لا يتوجه على المدعي عليه يمين إذا أنكر أنه لا تسمع ابتداء ولا يسأل المدعى عليه عن جوابها فإن ذلك غير ظاهر لاحتمال أن يقر المدعي ويعتقد أن مجرد حوزه يوجب له الملك. وقد تقدم أن الحوز وحده لا
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست