ذلك قولان. وذكر ابن رشد في رسم باع شاة من سماع عيسى من كتاب الشهادات القولين، وذكر أن القول بجوازها قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وقول أشهب وسحنون وعيسى بن دينار وكافة أصحاب مالك انتهى. قال الدماميني في حاشية البخاري: فإذا صرح المقر بالاشهاد فالأحسن أن يكتب الشاهد أشهدني بذلك فشهدت عليه به حتى يخلص الخصم من الخلاف انتهى. وانظر آخر سماع أبي زيد من كتاب الشهادات.
تنبيه: قال ابن عرفة: وجعل المازري ومن تبعه علة رد شهادة المختفي الحرص على التحمل بعيد. فتأمله انتهى ص: (ولا إن جربها) ش: يعني أن شهادة الشاهد إذا كانت تجر له نفعا فلا تجوز وهذا ظاهر.
فرع: قال في رسم القضاء من سماع أشهب من كتاب الشهادات: وسئل مالك عن رجل شهد على رجل أنه حلف بطلاق امرأته في حق له عليه ليدفعنه إليه فحنث فقال: ما هو بجائز الشهادة عليه. قال ابن رشد: ليس إسقاط شهادته في هذا ببين، وكان الأظهر أن تجوز شهادته عليه أنه قد حنث لان وقوع الطلاق عليه لا يدعوه إلى أن يعجل حقه وإنما يدعوه بالطلاق ليقضينه إلى أجل مخافة أن يقع عليه الطلاق إن لم يقضه قبل الاجل لما كان لو شهد عليه بذلك قبل أن يحنث والحق عليه لم يدفعه لم تجز شهادته عليه لاتهامه أن يكون إنما شهد عليه ليعجل له القضاء ولا يحنث لم تجز شهادته عليه إذا شهد عليه أنه قد حنث لاحتمال أن يكون قد ادعى ذلك عليه قبل الحنث فأراد أن يحقق دعواه عليه قبل الحنث لشهادته عليه بعد الحنث وهو ضعيف انتهى والله أعلم. ولم يذكر في ذلك خلافا وإنما ذكر ما ذكره على سبيل البحث. وقد نقل في النوادر في كتاب الشهادات في أول الجزء الثاني من الشهادات في ترجمة شهادة الأجير والشريك والمقارض والغريم عن المجموعة في ذلك قولين، ونصه من المجموعة عن ابن القاسم: وإذا غرم الجميل ما تحمل به ثم قدم المطلوب فأنكر الحمالة فشهد الغريم على الحمالة فلا تجوز، وكذلك من حلف لغريمه بالعتق ليقضينه إلى أجل فحنث فقام رفيقه فشهد لهم الطالب بالحنث فلا تجوز شهادته. ورواه أشهب عن مالك فيه. وفي العتبية.
وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: إن شهادته تجوز قبض منه حقه أو لم يقبض إذ لا يجر بها إلى نفسه شيئا. وقاله أصبغ انتهى. وقال قبل هذا في ترجمة ما يلزم الرجل أن يشهد به مما علمه من الجزء الأول من الشهادات: قال مالك فيمن سمع رجلا حنث في طلاق ولا يشهد عليه بذلك عليه غيره قال: فليرفعه إلى السلطان. وكذلك لو حنث بذلك في حق الشاهد عليه فليرفع ذلك حتى يكون السلطان ينظر في أمره، يريد لا تجوز شهادته في حنثه في