وإن لم تكن سنتهم بالنقد لم يجز الكراء، وإن عجلت هذه الأشياء إلا أن يشترط النقد في العقد كما لا يجوز بيع ثوب أو حيوان بعينه على أن لا يقبض إلا إلى شهر ويفسخ. ابن القاسم: وإن اكترى ما ذكرناه بدنانير معينة ثم تشاحا في النقد، فإن كان الكراء بالبلد بالنقد قضى به وإلا لم يجز الكراء إلا أن يعجلها انتهى. قال أبو الحسن: قال عياض: قوله: إلا أن يعجلها أي يشترط ذلك في أصل العقد، يبين ذلك ما تقدم واختصره ابن يونس إلا أن يشترط تعجيله في العقد. وقوله أولا: إلا أن يشترط النقد في العقد الاستثناء منقطع كأنه يقول: لكن إن اشترط النقد في العقد جاز انتهى. ثم قال في المدونة إثر الكلام السابق كقول مالك فيمن ابتاع سلعة بدنانير له ببلد آخر عند قاض أو غير، فإن شرط ضمانها إن تلفت جاز وإلا لم يجز البيع، فأرى إن كان الكراء لا ينقد في مثله فلا يجوز إلا أن يشترط عليه إن تلفت فعليه مثلها، ولا يجوز اشتراط هذا في طعام ولا عرض في بيع ولا كراء لأنه مما يبتاع لعينه فلا يدري أي الصفقتين ابتاع ولا يراد من المال عينه. وقال غيره: في الدنانير هو جائز وإن تلفت فعليه الضمان انتهى. أبو الحسن: قوله: فأرى الكراء إن كان لا ينقد في مثله معناه ليس من سنتهم النقد. وذكر بعضهم عن بعض الشيوخ أنه قال: يحتمل أن يريد بقوله إن كان لا ينقد في مثله كبيع الخيار قال: ولم أره لغيره انتهى. وهذا الذي أشار إليه المؤلف في فصل كراء الدابة بقوله: وبدنانير عينت إلا بشرط الخلف انتهى. وقوله: أو في مضمونة لم يشرع فيها يريد لم يشرع فيها إلا بعد طول، وأما إن قرب الشروع فيجوز تأخير الكراء ويجوز اشتراط ذلك. قال المتيطي: فإن كان المضمون في الكراء إنما هو على أن يأتيه بها تلك الليلة أو في الغد، فلا بأس باشتراط تأخير الكراء إلى أجل. وقوله: إلا كري حج فاليسير لو أدخل الكاف لكان أشمل. قال المتيطي: روى أبو زيد عن ابن القاسم ذلك في الكراء المضمون ولم يذكر الحج ونصه: تعجيل النقد في الكراء المضمون إلى أجل هو الأصل. ولا يجوز تأخيره بشرط.
واختلف في تعجيل بعضه وتأخير باقيه دون شرط فقال مالك فيمن أكرى إلى الحج في غير إبان الحج ليخرج في إبانه لا بأس أن يقدم منه الدينار والدينارين ولا يجوز في غيره. وروى أبو زيد عن ابن القاسم ذلك في الكراء المضمون ولم يذكر الحج وقال: كم من كري ذهب بالكراء. وروى ابن المواز عن مالك كراهة تأخير النقد إلا أينقد أكثره أو ثلثيه. وقال مثله أشهب ثم قال: قال مالك: قد اقتطع الأكرياء أموال الناس فلا بأس أن ينقده الدينار والدينارين