المنفعة بنفسه مع علم رب المنزل بذلك، ففرقوا في ذلك بين تقدم قول الساكن وتأخر قوله عن قول صاحب المنزل. قاله ابن رشد في نوازل سحنون من جامع البيوع. وذكر فيه أيضا أن حكم ما أتلفه المشتري من السلع بحضرة ربه حكم ما ذكر من استيفاء المستأجر للمنفعة مع علم رب المنزل بذلك أنه يلزم من قوليهما الآخر. وقد تكلم على هذه المسألة بكلام جيد، وفرق فيه بين مسألة نوازل سحنون ومسألة سماع عيسى من كراء الدور وغيرهما من الروايات فانظره الله أعلم.
تنبيه ثان: علم من تشبيه الأجرة بالثمن أنه يشترط فيها أن تكون معلومة الجملة والتفصيل أو التفصيل دون الجملة لان المذهب جواز ذلك في البيع. وقيل: لا يجوز. وقيل:
بالكراهة على ما تقدم في البيع. ونقل القول بالمنع في التوضيح عن خارج المذهب، ونقله ابن عرفة عن ابن أبي مسلمة وسحنون. فعلى هذا لا تمتنع حراسة الأندر كل أردب مثلا بقدح لأنه معلوم التفصيل مجهول الجملة ما لم يقترن بذلك ما يفسده من أعمال مجهولة ونحو ذلك.
وقد ذكر البرزلي في أوائل مسائل الجعل والإجارة أن ابن أبي زيد سئل عن حراس الزرع والزيتون ليلا ونهارا بالضمان أو بغيره على أن كل قفيز عليه مدان أو ثلاثة، وهل يلزمهم تفريغ الشباك والأحمال أم لا؟ فقال: أما استئجارهم لكل قفيز مدان فجائز، فإن شرطوا تفريغ الشباك ونزول الأحمال فيلزم، وشرط الضمان عليهم لا يلزم وله أجرة مثله ممن لا ضمان عليه.
البرزلي: يجري على شرط ضمان ما لا يضمن في الإجارات والعواري وفيه خلاف، والمشهور ما قاله. وقوله: كل قفيز بمدين جائز معناه إذا عرف صفتهما كما قال. ويتوصل إلى معرفته بفرك سنبله ولا يراعى كثرة الأقفزة من قلتها لأنه مأخوذ من كل قفيز فهو مجهول الجملة معلوم التفصيل، وهو جار على المذهب أيضا من جواز بيع الحنطة في سنبلها. وفي الذخيرة عن