المدعي ولم يحلف المدعى عليه، وإن كان ممن يشبه ذلك وليس معروفا به حلف ولم يعاقب المدعي، وإن نكل حلف المدعي واستحق، وإن كان معروفا بالتعدي والغصب حلف وضرب وسجن، فإن تمادى على الجحود ترك، واختلف إذا اعترف بعد التهديد على ثلاثة أقوال: فقيل لا يؤخذ بإقراره عين المدعى عليه أو لم يعينه لأنه مكره. وقيل: إن عين أخذ به وإن لم يعين لم يؤخذ بإقراره. وقال سحنون: يؤخذ بإقراره عين المدعى فيه أو لم يعينه. قال ولا يعرف ذلك إلا من ابتلي به يريد القضاة وما شابههم يقول إن ذلك الاكراه كان بوجه جائز وإن كان من الحق عقوبته وسجنه لما عرف من حاله أخذ بإقراره، وإنما الاقرار الذي لا يؤخذ به ما كان ظلما أن يهدد ويضرب من لا يجوز فعل ذلك به، وقد أجمع الناس على من أسلم بعد القتال والسيف أنه مسلم كالطائع بغير إكراه لأنه إكراه بحق. ولو أكره ذمي على الاسلام لم يكن إسلامه إسلاما إن رجع عنه وإن ادعى أن ذلك كان للاكراه، لان الذمة التي عقدت لهم تمنع من إكراههم، فإكراههم على ذلك ظلم. انتهى. وفي الفصل الثالث من القسم الثالث من تبصرة ابن فرحون في الدعاوى بالتهم والعدوان ما نصه: إذا كان المدعى عليه بذلك ليس من أهل تلك التهمة، فهذا النوع لا تجوز عقوبته اتفاقا، واختلف في عقوبة المتهم على قولين، والصحيح منها أنه يعاقب. ثم قال في آخر الفصل: قال الباجي، وإذا كان المدعى عليه مجهول الحال فظاهر ما في المذهب يقتضي أن الأدب على المدعى عليه وعليه اليمين. وفي الواضحة ما يقتضي أنه يخلى سبيله دون يمين، وقد أطال رحمه الله في هذا الفصل الكلام. فقوله المؤلف:
وفي حلف المجهول قولا يشير إلى كلام ابن يونس المتقدم وكلام الباجي الذي نقله ابن فرحون، وانظر ما ذكره البساطي رحمه الله والله أعلم.
فرع: قال في ثاني مسألة من سماع يحيى من كتاب الغصب فيمن عرف بالغصب لأموال الناس فسئل صاحب الحق البينة على أنه غصبه ما يدعيه فلا يجدها على حضور الغصب ومعاينته لكنهم إنما كانوا يعرفون الحق للمدعي إلى أن صار بيد الظالم لا يدرون كيف صار إليه إلا أن صاحب الحق كان يشكوا إليهم أنه غصبه أو سمعوا ذلك من جيرانهم أو لا يذكرون شيئا: إن ذلك يوجب للمدعي أخذ حقه إلا أن يأتي الظالم ببينة على اشتراء صحيح أو عطية ممن كان يأمن ظلمه أو يأتي بوجه حق ينظر فيه، فإن جاء بالبينة على أنه اشترى فزعم البائع أن ذلك البيع كان خوفا من شره وهو ممن يقدر على العقوبة إن امتنع من مبايعته قال: أرى أن يفسخ ذلك البيع إذا ثبت أن المشتري موصوف بما زعم البائع من استطالته وظلمه وأنه قد عمل ذلك بغيره.
قلت: فإن زعم البائع أنه إنما دفع إليه الثمن في العلانية ثم دس إليه من يأخذه منه سرا ولو لم يفعل ذلك لقي منه شرا قال: لا أرى أن يقبل قوله، وعليه دفع الثمن بعد أن يحلف الظالم بالله لقد دفع إليه الثمن ثم لم يرتجعه ولم يأخذه منه بعد دفعه إليه. قال ابن رشد: أما ما