الحق وادعاها الطالب، فإذا لم يكن في البراءة الواحدة أو البراءات أكثر من ذكر الحق لم يكن للطالب دليل على ما ادعاه من المخالطة، فوجب أن يحلف المطلوب أنه لم يكن له سوى ذكر الحق وتكون البراءة أو البراءات براءة له منه وإن كان في البراءة الواحدة أو البراءات زيادة على ذكر الحق كان في ذلك للطالب دليل على ما ادعاه من المخالطة وأنه عامله غير هذه المعاملة، فوجب أن يحلف الطالب أنه قد عامله فيما سوى هذا الحق، وأن البراءة أو البراءات التي استظهر بها المطلوب إنما هي من ذلك فلا يكون شئ من ذلك براءة للمطلوب من ذكر الحق انتهى. وهذا إذا لم يكن في البراءة المتأخرة أنه لم يبق له قبله حق وأن هذا آخر حق له قبله، فإن كان فيها ذلك كان القول قول المطلوب بيمين إن لم يعلم التاريخ على قول ابن القاسم، ودون يمين إن كان ذكر الحق الذي بيد الطالب تاريخه مقدما على تاريخ البراءة التي فيها ذلك بلا خلاف كما تقدم.
وقال في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ وسمعت ابن القاسم: وسئل عن الرجل يأتي بذكر حق فيه شهود على رجل بمائة دينار ويأتي المطلوب ببراءة دفعها إليه لا يدري شهودها، أكانت قبل ذلك الذكر بحق أو بعده ليس فيه تاريخ. قال: يحلف ويبرأ يعني صاحب البراءة. قلت: يعني يحلف أنه قضاء لذلك الحق ويبرأ. وقاله أصبغ. وهذا هو القضاء وصوابه، ولا يجعل له مالين كما لو كان للحق تاريخ والبراءة بعده بمال دفعه وادعى صاحب الحق أنه غيره لم يقبل قوله الآخر لأنه هو برئ. وسئل عن رجل أتى بذكر حق على رجل فيه ألف دينار، فأتى المشهود عليه ببراءته بألفي دينار، فزعم أن تلك الألف دخلت في هذه المحاسبة والقضاء، وأتى ببراءات متفرقة إذا اجتمعت استوت مع الذكر الحق أو الذكورات الحق أو كانت أكثر أو أقل. وليس من ذلك شئ منسوب ليس فيه شئ يشبه أن يكون من الذكورات الحق ولا غير ذلك ويقول في الأكثر قد دخل فيه عند الحساب والقضاء مع غيره، فرأى ذلك كله سواء وأنه له براءة ويحلف في ذلك إن ادعى الآخر غير ذلك. وقاله لفظا ثابتا ويتم له بقية الذكورات إذا كانت البراءات أقل من ذلك. قال: وهو أحب إلي وهو الذي أرى واستحسن. قال أصبغ: رددتها عليه مرة بعد مرة فثبت على ذلك. قال أصبغ: كله باب واحد وهو كالطلاق وللطلاق تفسير. قال ابن رشد: مساواته في هذه الروايات بين أن تكون البراءة الواحدة أو البراءات أقل من ذكر الحق أو أكثر فإنها براءة للمطلوب هو المشهور في المذهب الأظهر من الأقوال، وقد قيل: إنها لا تكون له براءة، وهو قول ابن نافع في سماع يحيى من الدعوى والصلح وذلك إذا كانت بينهما مخالطة، وأما إن لم تكن بينهما مخالطة فلا اختلاف في أنها تكون له براءة انتهى. ثم تكلم على قوله: وهو كالطلاق الخ ونقلت كلامه في باب الرجعة فراجعه، واستظهار ابن رشد هنا للقول الأول خلاف ما تقدم له في سماع أبي زيد من الشهادات من استظهار قول ابن نافع، فلعله رجع إلى استظهار القول الأول لان كلامه هنا