اللخمي وغيره. وخالف ابن اللباد وابن الشقاق وابن الكاتب الأكثر وحملوا قول ابن القاسم على موافقته للغير، وحملوا قول الغير فليستبرئها إذا لم يكن الأب قد عزلها عنده واستبرأها على أن المراد إذا قومت عليه فليستبرئها إذا لم يكن عزلها عنده واستبرأها بعد وطئه الفاسد.
واختار هذا التأويل ابن مرزوق شيخ ابن رشد، وخالفه تلميذه ابن رشد وصحح مذهب الأكثر كما تقدم.
وقال القاضي عياض: والذي عندي أن ما ذهب إليه ابن الكتاب أصوب وأنه مراد ابن القاسم بدليل قوله آخر المسألة لأنه وطئ فاسد وكل وطئ فاسد فلا يطأ فيه حتى يستبرئ فهو " إنما علل بفساد الوطئ كما علل به غيره، ولو كان ما ذهب إليه القابسي لعلل بأنه لا يدري براءة رحمها ولم يعلل بفساد الوطئ الذي يقول ابن القابسي إنه غير فاسد بإلزامه القيمة بالمباشرة فتأمله فهو بين. انتهى من التنبيهات. وما قاله فيه نظر. أما أولا فليس في كلام ابن القاسم أنه وطئ فاسد وإنما فيه وكل وطئ فاسد فلا يطأ فيه حتى يستبرئ كما تقدم، وكذلك اختصرها المختصرون. وعلى تقدير وجوده فليس في كلامه إلا دعوى أن هذا الوطئ فاسد من غير دليل. وحمل كلام ابن القاسم على ذلك من غير دليل، فإن الوطئ إذا وقع في غير بريئة الرحم فهو فاسد، وأما وطئ الأب بعد الاستبراء فالقول بفساده لا وجه له. ألا ترى أنه لو تلذذ بها ولم يطأها أليس له أنه يلزمه قيمتها وتصير ملكا له على المعروف؟ فتأمله والله أعلم. وقال المصنف في التوضيح: وقول الغير ظاهر انتهى. فكأنه اختار قول الغير وقد تبين أن قول ابن القاسم هو الراجح الظاهر المشهور والله أعلم. وقال في التوضيح: وأشار التونسي إلى أن قول الغير مبني على قول ابن عبد الحكم أن الأب لا يضمن القيمة بوطئها بل يكون للابن التماسك بها في عسر الأب ويسره انتهى. ويريد إذا لم تحمل. وعزاه غير المصنف لسحنون وعبد الملك وهو ظاهر إلا أن ابن عرفة رده بأن في لفظ الغير لا ينبغي صب مائه على الماء الذي لزمته له القيمة، فإن كان هذا في لفظه فلا يتجه حمله على قول سحنون وابن عبد الحكم والله أعلم.
تنبيهان: الأول: أما لوطئها قبل أن يستبرئها فقومت عليه لم يكن له وطؤها بعد التقويم إلا بعد استبراء لأنه يمكن أن يكون رحمها مشغولا من غيره كما تقدم في لفظ المدونة.
الثاني: وقع في عبارة الشارح في شروحه الثلاثة ما نصه: وفهم ابن اللباد وابن الشقاق قوله: فليستبرئها إن لم يكن عزلها عنده واستبرأها على أن المراد قبل وطئه وإن كان فعل ذلك بعد وطئه فلا يحتاج إلى استبراء لأن الاستبراء لا يحتاج إلى قصد ونية انتهى. وهذا إما أن يكون تبدلت لفظة بعد بقبل أو يكون سقط منه شئ، والمراد قبل وطئه إياها بعد التقويم أو قبل وطئه إياها ثانيا ونحو ذلك. وقوله: إلا أن الاستبراء لا يحتاج إلى قصد ونية تعليل لقوله:
إن لم يكن فعل ذلك يعني أنه يستبرئها إن لم يكن حصل منه استبراء بأن يكون عزلها