يجوز منه إلا ما كان على وجه الجد خلاف المشهور المعلوم من قول مالك وأصحابه في المدونة وغيرها من أن هزله جد على ما جاء في ذلك عن جماعة من السلف عمر بن الخطاب وسعيد بن المسيب وغيرهما انتهى. وقال في التوضيح في كتاب الطلاق في شرح قول ابن الحاجب: وفي الهزل في الطلاق والنكاح والعتق ثالثها إن قام عليه دليل لم يلزم ما نصه: يلحق بالثلاث الرجعة والمشهور اللزوم لما في الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): ثلاث هزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة وهو حديث حسن غريب. والقول بعدم اللزوم في السليمانية لكن إنما ذكره في النكاح. والقول الثالث في كلام المصنف نقله ابن شاس عن اللخمي. ابن عبد السلام: والذي يحكيه غير واحد إنما هو قولان، وما ذكر من القول الثالث وهو شرط قيام الدليل على عدم اللزوم يعدونه من تمام القول الثاني، لأن الهزل لا يثبت بمجرد الدعوى. لكن ذكر بعض المتأخرين أنه اختلف أنه إذ قال تزوجني وليتك أو تبيعني سلعتك فقال قد بعتها من فلان أو زوجتها على أربعة أقوال: يلزم ولا يلزم. والفرق بين أن يدعي ذلك بأمر ما متقدم أو لا يدعيه إلا بذلك اللفظ والفرق فيلزم في النكاح لا البيع. والقول الثالث يشبه الثالث من كلام المصنف.
انتهى كلام التوضيح ونحوه لابن عبد السلام وابن فرحون. إذا علم ذلك فما ذكره المشذالي عن القابسي أنه قال: معناه إذا ادعى الهزل بعد الرضا، وأما إن علم الهزل ابتداء فلا يلزم. ونحوه لابن القاسم ومثله للخمي في كتاب الغرر وغيره مخالف للمشهور الذي ذكره ابن رشد والمصنف في التوضيح، واقتصار المشذالي عليه يوهم أنه المذهب، وكذلك اقتصار الشيخ أبي الحسن الصغير على كلام اللخمي يقتضي أنه المذهب وقد علمت أنه خلاف المشهور والله أعلم. وما ذكره المصنف في التوضيح من الخلاف في مسألة من قال تزوجني وليتك فقال قد زوجتها من فلان، ذكره ابن رشد في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح. وفي رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح في مسألة ما إذا خطب رجل من شخص ابنته فقال قد زوجتها فلانا فقام فلان بذلك وأنكر الأب وقال كنت معتذرا ونصه: وأما إذا خطبت إلى رجل ابنته البكر فقال قد زوجتها فلانا وطلب ذلك المقر له ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أن النكاح واجب للطالب، سواء كان طلبه بهذا القول أو بنكاح كان قبله، لأن النكاح لا لعب فيه ولا اعتذار وهو قول أصبغ في كتاب الدعوى والصلح وقول ابن حبيب في الواضحة. والثاني أن النكاح لا يلزم بهذا الاقرار ولا بدعوى متقدمة وإليه ذهب ابن المواز. والثالث الفرق بين أن يطلبه بذلك القول أو بقول متقدم وهو قول ابن كنانة في رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح، وقول أصبغ وروايته عن ابن القاسم في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح، فإن طلبه بقول متقدم حلف الزوج بالله لقد كان زوجني وثبت النكاح، وإن طلبه بهذا