اختلف فيما يوجبه التخيير على ستة أقوال. قال في التوضيح: أشهرها مذهب الكتاب أن اختيارها ثلاثا ولا مناكرة للزوج، نوت المرأة الثلاث أم لا. وإن قضاءها بدون الثلاث لا حكم له ولا يقع شئ. ثم اختلف هل ذلك مسقط لخيارها لعدولها عمل جعل لها وهو المشهور أو لا، ولا يكون لها بعد ذلك أن تقضى بالثلاث وهو قول أشهب. قال ابن المواز متمما للمشهور: وما لم يتبين منه الرضا بما أوقعت فيلزم ذلك. وهل اللزوم فيما أوقعته من باب الطلاق بالنية أو لا؟ تردد. انتهى مختصرا من الموضعين من التوضيح. وقال ابن عرفة: ولو قضت المدخول بها بطلقة فقال اللخمي عن محمد: إن رضيها الزوج كانت رجعية وإلا ففي سقوط اختيارها وبقائه ثالثها تجب بها الثلاث للمشهور مع الأكثر، وأشهب مع الشيخ عن روايته، واللخمي عن عبد الملك، وصوب الثاني انتهى. وظاهر كلامه في المدونة أنه مخالف لما نقله اللخمي عن محمد إلا أن يفسر به ونصه: وإن طلقت دون الثلاث لم يلزمه شئ انتهى.
تنبيهات: الأول: قال في المتيطية: إنها إذا أوقعت دون الثلاث وكان سبق له فيها من الطلاق ما يكمل الثلاث أن ذلك كإيقاع الثلاث وهو ظاهر ونصها: وإن خيرها مطلقا فاختارت تطليقتين لم يلزمه شئ ولا يقع عليها طلاق إلا أن يتقدم له فيها طلقة، فإن تقدم له فيها طلقة بانت الآن بالتطليقتين اللتين أوقعتهما. ثم قال: وسئل ابن عتاب عمن خير امرأته فاختارت طلقة واحدة وقد كان طلقها طلقتين فقال: قد بانت منه بالبتة ولا تحل له إلا بعد زوج. وفي كتاب ابن المواز ما يدل على ذلك قال أبو الأصبغ: وهذا عندي صحيح لا يتوجه فيه خلاف انتهى.
الثاني: فهم من قول المصنف إن قضت بدون الثلاث أنها لو قضت بأكثر من الثلاث لم يبطل ذلك ولزمه الثلاث وهو ظاهر مما تقدم في كلام صاحب الارشاد وشارحيه والله أعلم.
الثالث: قال ابن ناجي إثر كلام المدونة المتقدم: ويقوم منها أن الحاضنة إذا رضيت بأخذ بعض الأولاد دون بعض فإنه ليس لها ذلك، ووجه الإقامة أنه جعل هنا الجزء من الجملة لا يستقل فيلزم إطراده. انتهى من أول كتاب التخيير.
فرعان: الأول: قال في المدونة قال مالك: وإن قال لها اختاري أباك أو أمك أو كانت تكثر التردد إلى الحمام أو الغرفة فقال لها اختاريني أو اختاري الحمام أو الغرفة، فإن لم يرد بذلك طلاقا فلا شئ عليه انتهى. قال ابن ناجي: يريد بقوله لا شئ عليه أي مع يمينه كما قال في كتاب محمد انتهى. ثم قال في المدونة: وإن أراد بذلك الطلاق فهو الطلاق. قال ابن القاسم: ومعنى قوله إن أراد به الطلاق فهو الطلاق، وإنما ذلك إذا اختارت الشئ الذي خيرها