قال ابن رشد: هذه مسألة قد مضى القول عليها في رسم طلق من سماع ابن القاسم من طلاق السنة فلا معنى لإعادته انتهى. وكلام المدونة الذي أشار إليه ابن رشد هو في آخر كتاب الايمان بالطلاق ونصه: قال يحيى بن سعيد: ومن طلق وأشهد ثم كتم هو والبينة ذلك إلى حين موته فشهدوا بذلك حينئذ فلا تجوز شهادتهم إن كانوا حضورا ويعاقبون ولها الميراث انتهى. فذكر الشيخ أبو الحسن كلام ابن المواز وذكر ما في سماع ابن القاسم من طلاق السنة وكلام سحنون فيه. وقال بعده ابن يونس: يجب على هذا أن لا يثبت الطلاق وترثه ويرثها.
وقد رواها عيسى عن ابن القاسم عن مالك أن الشهود كانوا غيبا سنين. وقال يحيى بن عمر:
لا ترثه انتهى. ثم ذكر أبو الحسن عن عبد الحميد أنه فرق بين كونها ترثه ولا يرثها بما نصه عبد الحميد، والفرق بين الموضعين أن الحكم بالطلاق لا يتصور على ميت وإنما يتصور على حي، فإذا كان الزوج هو الميت فحكم عليه بالطلاق وقع عليه من آخر أجزاء حياته، ومن طلق في تلك الحال ورثته زوجته، فإذا كانت الزوجة هي الميتة لم يرثها لأن من طلق امرأته وهي مريضة لم يرثها. وكذلك لو ماتا جميعا فإن كان الزوج هو الميت الأول ورثته، وإن كانت الزوجة هي الميتة أولا لم يرثها ويشهد لهذا الذي عللناه قول ابن المواز في توريثها منه إذا كان هو الميت لأنه طلاق في المرض. الشيخ: ووجه قول يحيى بن عمر لا ترث نظرا إلى يوم وقع الطلاق انتهى. وذكر في المتيطية كلام ابن رشد الخ لم يعزه له صريحا.
قال بعض الشيوخ: ثم قال بعده: وما قاله أبو إسحاق معترض من قوله إنما درأ الحد بالشبهة فكان يجب على هذا أن لو شهد أربعة على رجل بالزنا شهادة يجب بها حده وأنكر الشهادة أن يكون صادقا في إسقاط الشهادة وهذا لا يقوله أحد والله أعلم انتهى. قال ابن عرفة بعد ذكره الكلام المتقدم يرد تعقبه على أبي إسحاق بأن الشبهة عنده هي مجموع ما ذكر وإمكان نسيانه حنثه في زوجته انتهى. فتحصل من هذا أنه إذا كان الشهود حضورا فشهادتهم باطلة وترثه ويرثها، وإن كانوا غيبا ثم قدموا فشهدوا بالطلاق فإن كان بعد موته ورثته، وإن بعد موتها هي لم يرثها على قول مالك وابن القاسم. وقال سحنون ويحيى بن عمر: لا ترثه كما أنه لا يرثها. وقال في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم: وقال مالك في الرجل يحلف بطلاق امرأته فيشك في يمينه فيسأل ويستفتي ثم يتبين له حنثه قال مالك: تعتد من حين وقفه عنها وليس من حين تبين له، قيل لابن القاسم: فإن مات قبل ذلك أيتوارثان؟ قال:
ينظر في يمينه، فإن كان يحنث فيها لم ترثه وإلا ورثته. ابن رشد: قوله: تعتد من حين وقفه صحيح لا اختلاف فيه لأن العدة من يوم الطلاق والطلاق إنما وقع عليه من يوم الحنث. وقوله في الميراث: ينظر في يمينه الخ وفي بعض الكتب لم ترثه ولا يرثها ليس بخلاف لما تقدم في رسم طلق في الذي يشهد عليه الشهود أنه قد طلق امرأته البتة وقد ماتت أنها ترثه ولا يرثها. والفرق بين المسألتين أن الرجل في هذا لم يزل مقرا على نفسه بما أوجب عليه الطلاق