سماع ابن القاسم من كتاب الجامع الخامس في ترجمة حكاية عن أبي هريرة رضي الله عنه في إتيان الوليمة قال مالك: بلغني أن أبا هريرة رضي الله عنه دعي إلى وليمة وعليه ثياب دون، فأتى ليدخل فمنع ولم يؤذن له فذهب فلبس ثيابا جيادا ثم جاء فأدخل، فلما وضع الثريد وضع كميه عليه فقيل له: ما هذا يا أبا هريرة؟ فقال: إنما هي التي أدخلت وأما أنا فلم أدخل قد رددت إذ لم تكن علي ثم بكى وقال: ذهب حبي ولم ينل من هذا شيئا وبقيتم تهانون بعده. قال ابن رشد: هذه الوليمة التي رد فيها أبا هريرة من لم يميزه من حجاب باب الوليمة إذ ظنه فقيرا لما كان عليه من الثياب الدون وأدخله بعد ذلك من رآه من حجابها في صفة الأغنياء بالثياب الحسان هي التي قال فيها رسول الله (ص): شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله ويروى: بئس الطعام يريد أنه بئس الطعام لمطعمه إذ رغب عماله في الحظ من أن لا يخص بطعامه الأغنياء دون الفقراء.
فالبأس في ذلك عليه لا على من دعاه إليه لقوله في الحديث نفسه: ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله وبكى رضي الله عنه شفقا من تغيير الأحوال على قرب العهد بالنبي (ص) ورغبة الناس عما ندبوا إليه في ولائمهم من عملها وترك الرياء فيها والسمعة وبالله التوفيق انتهى.
تنبيه: قال ابن العربي في العارضة: روي عن ابن عمر أنه دعا في وليمة الأغنياء والفقراء فعزل الفقراء عنهم وقال: نطعمكم ما يأكلون لا تفسدوا عليهم ثيابهم. وهذا مما لم يثبت فلا تعولوا عليه ولو أراد الجمع بين الفقراء والأغنياء والفقراء لفرقتهم ولم يجمع بينهم ويعتذر إليهم، فإن هذا كسر لنفوسهم وإثم يدخل عليه من جهتهم فلا ينفع إشباعه بذلك انتهى.
الثاني: قال الأقفهسي عند قول الرسالة: وقد أرخص مالك في التخلف لكثرة زحام الناس فيها قال: وكذلك إذا كان من حضر يأكلون وعلى رؤوسهم قوم ينظرونهم فهذا من المشقة والضرر انتهى. ص: (لا مع لعب مباح ولو لذي هيئة) ش: قال في سماع أشهب في