رسول الله، وحرمته (ص) ميتا كحرمته حيا، وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة كالمسموع من لفظه، فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر أن لا يرفع صوته ولا يعرض عنه، وقد نبه الله على ذلك بقوله: * (وإذا قرئ القرآن) * الآية. وكلامه من الوحي وله من الحرمة مثل ما للقرآن إلا في معان مستثناة. انتهى ونحوه والقرطبي عن ابن العربي. وقال في المدخل في فضل العالم: لا فرق بين رفع الصوت في حياته عليه السلام وبين رفعه على حديثه بعد مماته.
وكذا قال إمام الحرمين عن مالك بن أنس انتهى. وقال في فصل اللباس: فيرفعون أصواتهم في مجلس الحديث وذلك مكروه انتهى. ويريد والله أعلم بالمكروه الحرام كما يؤخذ من كلامه الأول الذي نقله عن مالك فتأمله. قال القرطبي: وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه الصلاة والسلام، وكره بعض العلماء رفع الصوت في مجلس العلماء تشريفا لهم إذ هم ورثة الأنبياء.
فرع: وصرح في المواهب اللدنية في المقصد الرابع بأنه يكره لقارئ حديثه (ص) أن يقوم لاحد، وهو الذي يؤخذ من كلام صاحب المدخل في أول فصل القيام، لكنه يدل على كراهة ذلك كراهة شديدة. ونقل ابن الصلاح في النوع السابع والعشرين من علوم الحديث. روينا أو بلغنا عن محمد بن أحمد بن عبد الله الفقيه أنه قال القارئ لحديث رسول الله (ص) إذا قام لاحد فإنه يكتب عليه خطيئة انتهى. وقوله: وندائه باسمه قال الشيخ السمهودي في تاريخ المدينة المسمى بخلاصة الوفا في أثناء الفصل الثاني في توسل الزائرين به من الباب الثاني: والذي ينهى عنه من ذلك في النداء أن لا يقرن به الصلاة والسلام ونصه: وليقدم ما تضمنه خبر ابن أبي فديك عن بعض من أدركه قال: بلغنا أن من وقف عند قبر النبي (ص) فقال: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * صلى الله عليك يا محمد يقولها سبعين مرة، ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك اليوم حاجة. قال بعضهم: والأولى أن يقول صلى الله عليك يا رسول الله إذ من خصائصه أن لا يناديه باسمه. والذي يظهر أن ذلك في النداء الذي لا تقترن به الصلاة والسلام انتهى.
والحجرات جمع حجرة وهي الموضع المحجور من الأرض بحائط أو غيره. وسبب النهي أنه (ص) كان لا يحتجب عن الناس إلا في أوقات يشتغل فيها بمهمات نفسه، فكان إزعاجه في تلك الحالة من سوء الأدب. انتهى بالمعنى من القرطبي. ص: (وإباحة الوصال) ش: قال الآبي: قال النووي: الوصال صوم يومين فأكثر دون فصل بينهما بفطر. وقال القاضي عياض: كرهه مالك والجمهور لعموم النهي، وأجازه جماعة قالوا: والنهي رحمة وتخفيف فمن قدر فلا حرج. وأجازه ابن وهب وأحمد وإسحاق إلى السحر. قال الخطابي: هو من خصائصه وحرام على أمته انتهى. ثم قال الآبي: وقال النووي: الأصح عندنا أن النهي عنه على التحريم. وقيل