أن لا يفروا؟ ثم قال في العدد المذكور في الآية: فحمله الجمهور على ظاهره من غير اعتبار بالقوة والضعف والشجاعة والجبن. وحكى ابن حبيب عن مالك وعبد الوهاب أن المراد بذلك القوة والتكاثر دون تعيين العدد، قال ابن حبيب: والقول الأول أكثر فلا تفر المائة من المائتين وإن كانوا أشد جلدا أو أكثر سلاحا. قلت: وهو الظاهر من الآية انتهى.
الثاني: قال السهيلي في الروض الأنف: إن قيل كيف فر الصحابة يوم حنين وهو من الكبائر؟ قلنا: لم يجمع على أنه من الكبائر إلا في يوم بدر، وكذلك قال الحسن ونافع مولى ابن عمر، ويدل له قول الله تعالى: * (ومن يولهم يومئذ دبره) * إشارة ليوم بدر، ثم نزل التخفيف في الفارين يوم حنين فقال: * (ويوم حنين) * الآية. وفي تفسير ابن سلام: كان الفرار من الزحف من الكبائر يوم بدر وكذلك يكون من الكبائر في ملحمة الروم الكبرى عند الدجال، وأيضا فإنهم رجعوا وقاتلوا حتى فتح الله عليهم انتهى.
فرع: قال القرطبي: قال عياض: ولم يختلف أنه متى جهل منزلة بعضهم من بعض في مراعاة العدد لم يجز الفرار انتهى. ص: (إلا تحرفا أو تحيزا إن خيف) ش: يعني أن التحرف والتحيز يجوز إن كان الكفار أقل من ضعفهم. وهذا إذا كان انحيازهم إلى فئة خرجوا معهم، أما لو كانوا خرجوا من بلاد الأمير والأمير مقيم في بلاده فلا يكون فئة لهم ينحازون إليه وذلك خاص بالنبي (ص). قاله في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب الجامع. وقوله:
إن خيف قيد في التحيز لا في التحرف فتأمله. وقول البساطي: قوله إن خيف قيد في هذين غير ظاهر والله أعلم.
تنبيه: يحرم الغدر وينبغي أن يستعمل الخداع في الحرب والله أعلم. ص: (والمثلة) ش: