تنبيهات: الأول: قوله في المدونة ويبني على ما طاف خارجا منه قال أبو إبراهيم الأعرج في طرره على التهذيب: يعني يبني على الأشواط الكاملة، وأما بعض الشوط فلا. نقله عنه التادلي وابن فرحون في منسكيهما ولم ينبه على ذلك أبو الحسن ولا صاحب الطراز ولا غيرهما من شراح المدونة فيما علمت. والظاهر أنه يبني على ما طاف خارجا عنه ولو كان بعض شوط إلا أن يريد أبو إبراهيم إذا لم يعمل بذلك في ذلك الشوط بل طاف بعده شوطا أو أشواطا ثم تذكر فإنه إنما يبني على الأشواط الكاملة وهو مراده والله أعلم.
والثاني: قد تقدم في كتاب الصلاة في استقبال القبلة في الستة الأذرع قولين، وتقدم أن الظاهر من القولين والراجح منهما أنه لا يصح استقبالها. فإن قيل: لا ينبغي أن يجري الخلاف في صحة الطواف فيها على ذلك الخلاف، وإذا صححتم عدم الاستقبال فينبغي أن تصححوا الطواف فيها. قلنا: أما على ما رجحناه هنا من منع الطواف به كله فلا يرد السؤال لأنا إنما منعناه لفعل الرسول الله (ص)، وأما على ما قاله اللخمي وغيره فالجواب أنه احتيط في كل من البابين فمنعوا الصلاة فيه لعدم القطع لأنه من البيت، ومنعوا الطواف فيه لأنه قد ثبت بحديث الصحيحين أنه من البيت.
الثالث: قال القاضي تقي الدين الفاسي: سعة فتحة الحجر الشرقية يعني التي تلي المقام خمسة أذرع، وكذلك سعة الغربية بزيادة القيراط وذلك بذراع الحديد. وذكر ابن جبير في رحلته أن سعة فتحة الحجر ستة أذرع بذراع اليد وقد ذرعت ذلك فرأيته قريبا من ذلك والله أعلم. ص:
(ونصب المقبل قامته) ش: هذه الدقيقة التي نبه عليها النووي وغيره من متأخري الشافعية وبنوه على أن الشاذروان من البيت. قال النووي في إيضاحه: وينبغي أن ينتبه هنا لدقيقة وهي أن من قبل الحجر الأسود فرأسه في حال التقبيل في جزء من البيت فيلزمه أن يثبت قدمه في موضعهما حتى يفرغ من التقبيل ويعتدل قائما لأنه لو زالت قدماه عن موضعهما إلى جهة الباب قليلا ثم لما فرغ من التقبيل اعتدل عليهما في الموضع الذي زالتا إليه ومضى من هناك، لكان قد قطع جزءا من طوافه ويده في هواء الشاذروان فتبطل طوفته تلك انتهى. ونقله ابن معلى ثم نقل عن غير النووي من الشافعية أنه ينبغي للطائف أن يحترز في حال استلامه الحجر والركن اليماني من هذا الشاذروان، لأنه إن طاف ويده ورأسه في هواء الشاذروان أو وطئه برجله لم يصح طوافه،.
فالواجب على الطائف أن يثبت قدميه حتى يفرغ من تقبيله ويعتدل قائما ثم يمشي. قال: وهذه من الدقائق النفيسة وكثير من الناس يرجعون بلا حج بسبب الجهل بما قلناه. قال ابن معلى بعد نقله هذا الكلام: قلت: وقد نبه المتأخرون من المالكية على التحفظ من الشاذروان كابن الحاجب وغيره. وأما هذه الدقيقة التي حذرت الشافعية منها وبالغت في الايضاح على التنبيه عليها فلم أر أحدا من المالكية نبه عليها غير شيخنا الفقيه المحقق أبي يحيى بن جماعة فقال في كتابه المسمى