لما ذكرنا من الرواية الثانية عن أبي حنيفة رحمه الله في الفصل قبل هذا: إذا تقرر هذا الأصل ففيه ثلاث مسائل (إحداها) لو أصابت الثمار آفة سماوية أو سرقة إما من الشجرة أو من الجرين قبل الجفاف نظر إن أصابت الكل فلا شئ عليه لفوات الامكان وهذه الحالة هي المرادة في الكتاب ولا يخفى ان الفرض فما إذا لم يكن منه تقصير (فأما إذا أمكن الدفع فاخر أو ضعها في غير الحرز ضمن (قال) الامام وكان يجوز أن يقال تفريعا على أن الخرص تضمين ان الضمان يلزم بكل حال ويلزم بالخرص ذمته التمر الزام قرار لكن قطع الأصحاب بخلافه وان تلف بعض الثمار دون بعض فإن كان الباقي نصابا زكاه وإن كان أقل من نصاب فيبني على أن الامكان شرط الوجوب أو الضمان ان قلنا بالأول فلا شئ عليه وان قلنا بالثاني فعليه حصة الباقي. (الثانية) لو أتلف المالك الثمرة أو اكلها نظر إن كان قبل بدو الصلاح فلا زكاة عليه لكنه مكروهان قصد الفرار من الزكاة وان قصد الاكل أو التخفيف عن الشجرة أو غرضا آخر فلا كراهة وإن كان بعد بدو الصلاح ضمن للمساكين ثم له حالتان (إحداهما) وهي المقصودة في الكتاب أن يكون ذلك بعد الخرص فان قلنا الخرص عبرة فيضمن لهم قيمة عشر الرطب أو عشر الطرب فيه (وجهان) مبنيان على أن الطرب مثلي أو متقوم والذي أجاب به الأكثرون ايجاب القيمة وهو المذكور في الكتاب لكن الثاني هو المطابق لقوله في الغصب والأظهر ان الرطب والعنب مثلي وبه أجاب في الوسيط وان قلنا الخرص تضمين غرم للمساكين عشر الثمر فان ذلك قد ثبت في ذمة بالخرص على التفصيل الذي سبق إذا عرفت ذلك فسم قوله غرم قيمة عشر الرطب بالواو واعلم أن الصواب في عبارة الكتاب على القول الثاني أو عشر التمر على قولنا انه تضمين وفي أكثر النسخ أو قيمة عشر التمر وهو غلط (والحالة الثانية) وأن يكون الاكل والاتلاف قبل الخرص فيتقرر عليه الواجب عليه ضمان الرطب ان قلنا لو جرى الخرص كان عبرة وان قلنا لو جرى لكان تضمينا فوجهان حكاهما الصيدلاني (أصحهما) ان الواجب عليه ضمان الرطب أيضا لان قبل الخرص لا يصير التمر في ذمته (والثاني) عليه عشر التمر لان الزكاة قد وجبت ببدو الصلاح وإذا أتلف فهو الذي منع الخرص فصار كما لو أتلفه بعد الخرص (وحكى) القاضي بن كج وجها آخر عن أبي إسحاق وابن أبي هريرة في هذه الحالة أنه تضمن أكثر الامرين من عشر التمر أو قيمة عشر الرطب: واعلم أن الحالتين جميعا مفروضتان في الرطب الذي يجئ منه التمر والعنب الذي يجئ
(٥٨٩)