فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٥ - الصفحة ٥٥٣
بعد الحول وقبل إخراج الزكاة لم يخل اما أن يبيع جميع النصاب أو بعضه فان باع جميعه فهل يصح في قدر الزكاة يتفرع على الأقوال. إن قلنا أن الزكاة في الذمة والمال خلو عنها فيصح وإن قلنا المال مرهون بها فقولان (أحدهما) وهو الذي ذكره امام الحرمين أنه لا يصح لان بيع المرهون بدون إذن المرتهن باطل (وأصحهما) عند العراقيين وغيرهم أنه صحيح لأن هذه علقة تثبت من غير اختيار المالك وليس ثبوتها لشخص معين فيتسامح فيها بما لا يتسامح في سائر الرهون وهذا كما إذا قلنا على قول الشركة بنينا الامر على المسامحة وإن قلنا بالشركة فقد حكي القاضي ابن كج طريقين (عن ابن القطان) القطع بالبطلان (وعن أبي إسحاق وغيره) أن المسألة على قولين وهذا ما أورده أكثر العراقيين (أحدهما) الصحة لان ملك المساكين غير مستقر فيه فان له اسقاطه بالاخراج من موضع آخر فإذا باعه فقد اختار الاخراج من موضع آخر (والثاني) البطلان لأنه باع ما لا يملكه وهذا ما أجاب به صاحب التهذيب وعامة المتأخرين فيمكن أن يكون ذلك اختيارا منهم للقول الثاني على هذه الطريقة ويمكن أن يكون ذهابا منهم إلى الطريقة الأولى. وان قلنا إن تعلق الزكاة كتعلق الأرش ففي صحة البيع قولان كما في بيع العبد الجاني فان صححنا فيكون بالبيع ملتزما للفداء كما سيأتي بيانه في موضعه ثم إذا حكمنا بالصحة في قدر الزكاة ففيما عداه أولى وإذا حكمنا بالبطلان فهل يبطل فيما عداه: أما على قول الشركة ففيما عداه قولا تفريق الصفقة: وأما على قول الاستيثاق فان قلنا حق الاستيثاق متعلق بجميع المال فالبيع باطل في الباقي أيضا ولا فرق وان قصرنا الاستيثاق على قدر الزكاة ففي الباقي قولا التفريق: قال في النهاية والقصر هو الحق الذي قاله الجمهور وما عداه هفوة وهل تفترق الفتوى فيما عدا قدر الزكاة بين أن يكون لقدر الزكاة جزئية معلومة كالعشر في المعشرات وربع العشر في النقدين وبين أن لا يكون كذلك كالشاة من الأربعين هذا قد ذكره صاحب الكتاب في باب تفريق الصفقة وسنشرحه إن شاء الله تعالى جده وحيث منعنا البيع في الثمار فذلك قبل الخرص فأما بعده فلا منع إذا قلنا أن الخرص تضمين على ما سنبينه (التفريع) اعلم أن مجموع ما يحصل من الاختلافات التي ذكرنا ثلاثة أقوال بطلان البيع في الكل وصحته في الكل وبطلانه في قدر الزكاة وصحته في الباقي (أما الأول) فلا يخفى حكمه (وأما الثاني) فقد تعرض في الكتاب لتفريعه وإن قصر الكلام على القول الرابع (وأما الثالث) فلم يتعرض له ونحن نذكرها جميعا أما إذا صححنا البيع في الجميع فان أدي البائع الزكاة من موضع آخر فذاك والا فللساعي أن يبيع المال الحاصل في يد المشترى فيأخذ الزكاة من عينه وفاقا وهذا يضعف قول التعلق بمحض الذمة إذ لو كان كذلك
(٥٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 548 549 550 551 552 553 554 555 556 557 558 ... » »»
الفهرست