والاستيجاب لذلك بحكمه ما يقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: * (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين) * (12) فلم يجز لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قتال المشركين ولا قتال المحاربين إلا من بعد الاعذار والانذار إليهم فكيف يطلق قتل المسلمين ويستجيزه رسول رب العالمين بغير أمر من الله له بذلك، كلا إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الافتيات (13) في دماء المسلمين لبري صلوات الله عليه وحاشا لله أن يكون رسوله كذلك، وأن يفعل من غير أمر من الله شيئا من ذلك. ومن قال إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى (14) من نفسه رأيا يتلف به أرواح المسلمين ويقتل به عن غير أمر من الله أحدا من العالمين فقد أبطل في قوله، وقذف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكبيرة من أكبر كبائر أفعال الفاعلين يجب عليه في ذلك التوبة إلى الله من فاحش قوله والرجعة إليه عن جرأته على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والا فكان من الهالكين المجترين، القاذفين بأعظم الكبائر لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرامين له بالبهتان، وهذا لو قيل في عربي أو عجمي من المسلمين لكان قولا عظيما وظلما وتعديا عليه فيه وغشما لا يجوز لقائله القول به في أحد من المسلمين، فكيف يجوز له القول به في رسول رب العالمين أما تسمع من يقول بهذا القول الفاحش ما حكى الرحمن عن رسوله في القرآن من قوله: * (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) * (15).
(٢١٦)