بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله (وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل) قال أبو الحسن علي ابن الحسن بن أحمد بن أبي حريصه: بعد حمد الله بمحامده كلها، والثناء عليه بمدائحه وفضلها، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وآله الأتقياء:
هذا كتاب الأحكام الذي صنفه وألفه الإمام الهادي إلى الحق يحيى ابن الحسين عليه وعلى آبائه السلام حسب ما قال، إذ قال: فرأينا ان نضع كتابا مستقصى، فيه أصول ما يحتاج إليه من الحلال والحرام، مما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله ليعمل به ويتكل عليه من ذكرنا، قال أبو الحسن: وإني وجدت في هذا الكتاب أبوابا متفرقة، وعن مواضعها نادرة في خلال الأبواب غير المشاكلة لها غير مرتبة، ولقد سألني غير واحد ما باله لم ينظمه نسقا واحدا، ويتبع كل فن منه فنا؟ فأجبته بأن امره رضي الله عنه كان أشهر وأدل من أن يغبى عذره في ذلك، إذ كان حلس فرسه، وضجيع سيفه ليلا ونهار الاحياء دين الله، وإنفاذ أمره جاهدا مجتهدا، لا يكاد تأويه دار ولا يلزمه قرار، وكلما وجد فيقه أو اغتنم في أيامه فرصة أثبت الفصل من كتابه، ورسم الباب من أبوابه، إذ كان رحمة الله عليه إنما ألفه خشيك الذي ذكر في الفصل الذي يقول فيه:
فنظرنا في أمورنا وأمور من نخلفه من بعدنا فإنه رضي الله عنه إنما جعله جزءا من دينه وبعض مفترضاته، ليهدي به حائرا أو يرد به عن البينات جائرا، سالكا في ذلك سبيل من أخذ الله عليه ميثاقه، لتبيننه للناس ولا