الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٣٤
عليه من ذكرنا، ولا يلتفت إلى ما في أيدي الجهلة الضلال، أهل التكمه في المحال مذوي البغي والايغال.
فكان أول ما ينبغي لنا أن نذكره، ونصفه وندل عليه ونشرحه، توحيد ربنا، والقول بالحق في خالقنا، فقلنا: إن أول ما ينبغي لمن أراد التخلص من الهلكة والدخول في باب النجاة، أن يعلم أن الله واحد أحد، ليس له ند ولا شبيه ولا نظير، وأنه سبحانه على خلاف ما يتوهم المتوهمون، أو يظن المتظننون (7)، فينفي عنه جل جلاله عن أن يحويه قول، أو يناله شبه خلقه، وكل ما كان فيهم ولهم من الأدوات والآلات من الأيدي والأرجل والوجوه والشفاه، والألسن والأسماع والابعاض والأعين، حتى يخرج من قلبه، ويصح في عقله وعقده، أنه بخلاف ما ذكرنا من خلقه، ويعلم أن لكل ما ذكر الله من ذلك في نفسه معنى وتأويلا معروفا عند أهل التنزيل الذين أو تمنوا عليه، وأمروا بالقيام فيه والدعاء إليه، وقد فسرنا جميع ما يحتاج إليه من ذلك في كتاب التوحيد، الذي وضعناه لمن أراد معرفة الله من العبيد، فإذا علم ذلك، وصح عنده كذلك، ونفى عن الله تعالى شبه خلقه، ما عظم منه وما صغر وما دق منه وما كبر، وجب عليه أن يعلم أن الله سبحانه وعز وجل عن كل شأن شأنه عدل في جميع أفعاله، وأنه برئ من مقالة الجاهلين، متقدس عن ظلم المظلومين، بعيد عن القضاء بالفساد للمفسدين، متعال عن الرضى بمعاصي العاصين، برئ من أفعال العباد، غير مدخل لعباده في الفساد، ولا مخرج لهم من الخير والرشاد، وكيف يجوز ذلك على حكيم، أو يكون من صفة رحيم، فتعالى الله عن ذلك وتقدس عن أن

(7) في نسخة المبطلون.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست