يكون كذلك، وكيف يقضي بالمعاصي، وهو ينهى عنها، ويذم العاصين ويأمر بالطاعة ويشكر المطيعين، ولو كان كذلك لما سمى ولا دعا أحدا ممن خلق بالعصيان، بل كانوا كلهم عنده في حد الطاعة والايمان، إذ قوله الصدق وفعله الحق، لأنه كان لو قضى بالفجور والكفر على الكافرين، وبالتقى والايمان على المؤمنين، لكان كل عباده لامره سبحانه مطيعين، ولقضائه منفذين، وفي إرادته ساعين، ولما كان يوجد في الخلق ذو عصيان، بل كان كلهم ذا طاعة لله وايمان، فإذا علم أن الله سبحانه لا يقضي بالفواحش والمنكر، ولا يشاء غير ما به من الطاعة أمر، وفي ذلك ما يقول ذو الجلال والطول:
﴿أن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون﴾ (٨) ويقول ﴿ان الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون﴾ (٩) وجب عليه أن يعلم أن كل ما وعد وأوعد الواحد ذو الجلال الصمد حق لا مرية فيه، ولا لبس من الحساب والحشر، وما أعد الله للمؤمنين من الثواب، وأعد للكافرين من العقاب، وأن من دخل الجنة أو النار، من الأبرار والفجار، فإنه غير خارج من أيهما صار إليها، وحل بفعله فيها، أبد الأبد، لا ما يقول الجاهلون: من خروج المعذبين من العذاب المهين، إلى دار المتقين، ومحل المؤمنين، وفي ذلك ما يقول رب العالمين: ﴿خالدين فيها أبدا﴾ (١٠) ويقول عز وجل: ﴿يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم﴾ (11) ففي كل ذلك يخبر أن كل من