واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١١
الواشين جاء كتاب المتوكل يحمل براءة الإمام أحمد بن حنبل مما اتهم به وأوصله بمال جزيل (1).
ويتضح من كل هذا كيف تميزت الشيعة بالتقية، وكيف حملوا عليها قسرا، بعد أن لم يجدوا غيرها وسيلة للأمان في تلك العهود التي تناهى فيها الظلم والاضطهاد بحقهم.
ولعل من أوضح ما يصور هذه الحقيقة التي لا شبهة فيها، أننا لم نجد من بين رواة الحديث من أهل السنة من يقول مثلا: حدثني الشيخ، ويريد به الإمام مالك بن أنس، أو أخبرني العبد الصالح، ويعني به الإمام الشافعي، أو أنبأني العالم، أو سمعت العالم يقول كذا، ويقصد به الإمام أبا حنيفة.
بينما نجد مثل هذا التعبير مألوفا عند رواة الحديث من أصحاب أئمة الشيعة الإمامية، فقد يقول أحدهم: حدثني أبو زينب، ونحن نعلم علم اليقين بأنه لا يريد غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد يقول: حدثني العبد الصالح، أو الشيخ، أو العالم، وهو يريد الإمام المضطهد في السجون موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام.
ولا شك أن لهذه الألفاظ المستعارة دلالاتها، والتي يمكن للباحث معرفتها إذا ما أرجعها إلى الظروف السياسية المحيطة بحياة أولئك الرواة، ومن يروون عنه من الأئمة عليهم السلام، إذ لا بد وأن تكون هناك مصلحة عائدة للإمام والراوي نفسه، توخيت بهذا اللفظ المستعار اتقاء من معرة الظالمين

(1) مناقب الإمام أحمد بن حنبل / ابن الجوزي: 442، حلية الأولياء / أبو نعيم 9:
206 - 207.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»